الواقعية ، ومن ثمّ لا يجعل فيها سرّا مخبوءا ولا سترا مطويّا ، بل يعرض جوانب كثيرة منها في القرآن ، ويكشف منها ما يطوى عادة عن الناس في حياة الإنسان العاديّ ، حتّى مواضع الضعف البشريّ ، الذي لا حيلة فيه لبشر ، بل إنّ الإنسان ليكاد يلمح القصد في كشف هذه المواضع في حياة الرسول (ص) للناس.
إن حياة الرسول ملك للدعوة ، وهي الصورة المنظورة الممكنة التطبيق من العقيدة ، وقد جاء ليعرضها للناس في شخصه وفي حياته ، كما يعرضها بقوله وفعله ، ولهذا خلق ، ولهذا جاء ، لتكون السّنّة هي ما أثر عن الرسول (ص) من قول أو فعل أو تقرير ، وليكون هو النموذج العمليّ الملموس في دنيا الناس ، يتعرّض للأحزان ، ويموت ابنه ، ويصاب في غزوة أحد ، وتنتشر الإشاعات عن زوجته عائشة ، ويعيب المنافقون عليه بعض الأمور ، لتكون الصورة كاملة للإنسان بكلّ ما فيه ، وليكون الوحي بعد ذلك فيصلا ، ودليلا هاديا في ما ينبغي سلوكه في هذه الحياة.
قصة التحريم
تزوّج النبيّ (ص) تسع نساء لحكم إلهية ، ولتكون هذه الزوجات مبلّغات لشئوون الوحي في ما يخصّ النساء. وقد قضى النبيّ صدر حياته مع خديجة ، وكان عمره ، عند زواجه منها ، ٢٥ سنة وعمرها أربعين ، وقد ماتت قبل الهجرة بثلاث سنوات ، ولم يتزوّج غيرها في حياتها ، وكان وفيا لذكراها ، وقد ماتت خديجة وعمره خمسون عاما.
ثم تزوّج النبيّ عائشة بنت أبي بكر الصديق ، وحفصة بنت عمر ؛ وأمّ سلمة ، وقد مات زوجها شهيدا فضم النبي إليه عيالها من أبي سلمة وتزوجها ؛ وزينب بنت جحش زوج مولاه ومتبنّاه زيد ، ليكون ذلك تشريعا للناس في إباحة زواج الإنسان من زوجة ابنه المتبنّى : (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) (٣٧) [الأحزاب].
ولمّا تزوّج النبيّ جويرية بنت الحارث سيد بني المصطلق ، أعتق الصحابة أقاربها وأسلم أهلها ، وكانت أيمن