المبحث الثاني
ترابط الآيات في سورة «الإنسان» (١)
تاريخ نزولها ووجه تسميتها
نزلت سورة الإنسان بعد سورة الرحمن ، وكان نزول سورة الرحمن فيما بين صلح الحديبية وغزوة تبوك ، فيكون نزول سورة الإنسان في ذلك التاريخ أيضا. وقد سمّيت هذه السورة بهذا الاسم ، لقوله تعالى في أوّلها : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) (١) ، وتبلغ آياتها إحدى وثلاثين آية.
الغرض منها وترتيبها
الغرض من هذه السورة بيان أثر الشرائع في رفعة الإنسان. وقد اقتضى هذا أن يجري سياقها في شيء من الترغيب والترهيب ، فأشبه سياقها بهذا سياق السورة المذكورة قبلها ، ولهذا ذكرت بعدها.
أثر الشرائع في رفعة الإنسان
الآيات [١ ـ ٣١]
قال الله تعالى : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) (١) ، فذكر أن الإنسان لم يكن شيئا مذكورا قبل أن يرفع شأنه بما أنزله من شرائعه ، وأنه ، سبحانه ، خلقه من نطفة مختلطة بالدم وغيره ، ولم يزل ينقله من حال إلى حال حتى جعله سميعا بصيرا ، وأنه ، جلّ وعلا ، هداه السبيل ، فمنهم من اهتدى به ومنهم من كفر به ؛ فمن كفر به أعدّ له سلاسل وأغلالا وسعيرا ، ومن آمن به يشرب
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفنّي في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي ، مكتبة الآداب بالجمايز ـ المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة ، القاهرة ، غير مؤرّخ.