وفي ظلال هذا الحادث ، تهيب الآيات ٦ ـ ٩ : بالذين آمنوا ليؤدّوا واجبهم في بيوتهم ، من التربية والتوجيه والتذكير ، فيقوا أنفسهم وأهليهم النار ، ويرسم لهم مشهدا من مشاهدها ، وحال الكفار عندها.
ثمّ تجدّد الدعوة إلى التوبة النصوح ، وتصور لهم الجنّة التي تنتظر التائبين ؛ ثمّ تدعو النبي (ص) إلى جهاد الكفار والمنافقين وحماية المجتمع الإسلامي من الداخل والخارج.
فالآيات الأولى [١ ـ ٥] : دعوة لتوبة نساء النبيّ وحماية بيته ونفسه. والآيات التالية [٦ ـ ٩] : دعوة لتوبة المؤمنين ومحافظتهم على تربية أولادهم وبناتهم ، لأنّ الأسرة هي قوام المجتمع.
ثمّ تجيء الجولة الثالثة والأخيرة ، وكأنّها التكملة المباشرة لتهديد عائشة وحفصة ، فقد تحدّثت الآيات [١٠ ـ ١٢] عن امرأة نوح (ع) وامرأة لوط (ع) ، كمثل للكفر في بيت مؤمن ، وهو تهديد مستتر لكلّ زوجة تخون زوجها وتخون رسالته ودعوته ، فلن ينجيها من العذاب أنّ أقرب الناس إليها نبيّ رسول ، أو داعية كريم ، ولا يضرّ المرأة المؤمنة أن يكون أقرب الناس إليها طاغية جبّارا ، أو ملكا متسلّطا معتدّا ؛ وقد ذكرت امرأة فرعون كمثل للإيمان في بيت كافر ، وجعلت السورة في ختامها نموذجا رفيعا للمرأة المؤمنة ، يتمثّل في آسية (ع) امرأة فرعون التي استعلت على المال والملك والجاه والسلطان ، ورغبت في ما عند الله.
ويتمثّل في مريم ابنة عمران (ع) ، المتطهّرة المؤمنة القانتة المصدقة بكلمات ربّها وكتبه.
وبذلك نجد المرأة في ركب الإيمان ، ويتحدّث القرآن عنها كنموذج للخير يتمثّل في أمّ موسى (ع) ، وفي أم عيسى (ع) ، وفي بلقيس التي أسلمت لله رب العالمين ، وفي امرأة فرعون التي زهدت في ملك فرعون ، ورغبت في ثواب الله ربّ العالمين.
المعنى الإجمالي للسورة
قال الفيروزآبادي : معظم مقصود سورة التحريم ما يأتي :
عتاب الرسول (ص) في التحريم والتحليل ، قبل ورود وحي سماويّ ، وتعيير الأزواج الطّاهرات على إيذائه