المبحث الأول
أهداف سورة «الطلاق» (١)
سورة الطلاق سورة مدنية وآياتها ١٢ آية ، نزلت بعد سورة الإنسان.
العناية بالأسرة
عني الإسلام بنظام الأسرة ، ودعا إلى تدعيم روابط المحبة والمودّة بين الزوجين ، وجعل الألفة بينهما آية من آيات الله ؛ قال تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) [الروم : ٢١].
وقد حفل القرآن الكريم بشأن العلاقات الزوجية والعائلية ، فحرص على سلامة الأسرة وتأكيد مودة الأبناء للآباء ، ورعاية الآباء للأبناء ، ثمّ حثّ الزوج على إحسان معاملة زوجته ، والتسامح معها ، والصفح عن بعض هفواتها ، وعدم التسرع في طلاقها. فلعلّ البغيض يصبح حبيبا ، ولعلّ الله أن يرزق الزوجين ثمرة تقوّي الروابط المشتركة بينهما. قال تعالى : (وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) (١٩) [النساء].
«إنّ الإسلام لا يحارب دوافع الفطرة ولا يستقذرها ، وإنّما ينظّمها ويطهّرها ، ويرفعها عن المستوي الحيواني ، ويرقّيها حتّى تصبح هي المحور الذي يدور عليه الكثير من الآداب النفسية والاجتماعية ؛ ويقيم العلاقات الجنسية على أساس من المشاعر الإنسانية الراقية ، التي تجعل من التقاء جسدين ،
__________________
(١). انتقي هذا الفصل من كتاب «أهداف كلّ سورة ومقاصدها» ، لعبد الله محمود شحاته ، الهيئة العامة للكتاب ، القاهرة ، ١٩٧٩ ـ ١٩٨٤.