واحدة مع بويضة؟
ومن ذا الذي قاد هذه الخلية ، وهي خليقة صغيرة ضعيفة ، لا عقل لها ولا مدارك ولا تجارب؟
ثمّ في النهاية : من ذا الذي جعل من الخلية الواحدة الذّكر والأنثى؟.
إنّه لا مفر من الإحساس باليد اللطيفة المدبّرة ، التي قادت النطفة المراقة في طريقها الطويل ، حتى انتهت بها إلى ذلك المصير : (فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) (٣٩).
[الآية ٤٠] : وفي ختام السورة يجيء هذا الاستفهام القوي الحاسم : (أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى) (٤٠)؟ : أي أليس الذي أنشأ هذا الخلق السويّ ، من هذه النطفة المراقة ، بقادر على أن يعيده كما بدأه؟
أليس الفعّال ، للتدبير والتقدير والنشأة الأولى ، بقادر على البعث والإحياء مرة أخرى؟.
قال تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) [الروم : ٢٧].
وإذا سمع المؤمن هذه الآية الأخيرة من سورة القيامة فليقل : بلى قادر.
أخرج الإمام أحمد وأبو داود والحاكم ، وصحّحه عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله (ص) من قرأ منكم : (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ) (١) وانتهى إلى آخرها : (أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ) (٨) ، فليقل بلى ، وأنا على ذلكم من الشاهدين. ومن قرأ : (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ) (١) ، فانتهى إلى آخرها : (أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى) (٤٠) ، فليقل بلى ، ومن قرأ المرسلات فبلغ : (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) ، فليقل آمنا بالله».
مقصود السورة
بيان هول القيامة ، وهيبتها ، وبيان إثبات البعث وتأثير القيامة في أعيان العالم ، حيث يزوغ البصر ، ويظلم القمر ، وتتكدّر الشمس ، ويفزع الإنسان ويقول أين المفر؟
وفي ذلك اليوم سينال كل إنسان جزاء عمله.
وبيّنت السورة آداب سماع الوحي ، والوعد باللقاء والرؤية ؛ وبيّنت هول الاحتضار ، وقدرة الله تعالى على البدء والإعادة ، وبعث الموتى وحسابهم وجزائهم ، في قوله سبحانه : (أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى) (٤٠).