المبحث الثاني
ترابط الآيات في سورة «المدّثّر» (١)
تاريخ نزولها ووجه تسميتها
نزلت سورة المدّثّر بعد سورة المزّمّل ؛ وكان الوحي قد انقطع بعد بدء نزوله مدّة ، لم يتفق المؤرّخون عليها ؛ وأرجح أقوالهم أنها كانت أربعين يوما. وقد نزلت سورة المدّثّر بعد انقضاء هذه المدة. فيكون نزولها ، فيما بين ابتداء الوحي والهجرة إلى الحبشة.
وقد سمّيت هذه السورة بهذا الاسم ، لقوله تعالى في أوّلها : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ) (٢) وتبلغ آياتها ستا وخمسين آية.
الغرض منها وترتيبها
الغرض من هذه السورة : استنهاض النبي (ص) للدعوة ، وقد اقتضى هذا أيضا إنذار المشركين بما ينتظرهم من العذاب ، إذا لم يجيبوا ما يدعون إليه ؛ فكانت في هذا مثل السورة السابقة ، وهذا هو وجه المناسبة في ذكرها بعدها.
استنهاض النبي (ص) للدعوة
الآيات [١ ـ ٥٦]
قال الله تعالى : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ) (٢) فأمره أن ينهض للقيام بإنذارهم ، ويكبّره ، ويطهّر ثيابه ، ويهجر الرجز ، والمنّ على من يحسن
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفنّي في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي ، مكتبة الآداب بالجمايز ـ المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة ، القاهرة ، غير مؤرّخ.