المبحث السابع
لكل سؤال جواب في سورة «نوح» (١)
إن قيل : لم قال تعالى : (وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) [الآية ٤] فإن كان المراد به تأخيرهم عن الأجل المقدّر لهم في الأزل ، فهو محال ؛ لقوله تعالى : (وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها) [المنافقون : ١١] وقوله تعالى : (إِنَّ أَجَلَ اللهِ إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ) [الآية ٤]. وإن كان المراد به تأخيرهم إلى مجيء الأجل المقدّر لهم في الأزل ، فما فائدة تخصيصهم بهذا ، وهم وغيرهم في ذلك سواء ، على تقدير وجود الإيمان منهم ، وعدم وجوده؟
قلنا : معناه ويؤخّركم عن العذاب ، إلى منتهى آجالكم ، على تقدير الإيمان ، فلا يعذّبكم في الدنيا ، كما عذّب غيركم من الأمم الكافرة فيها. الثاني : أنّه ، سبحانه ، قضى أنهم إن آمنوا عمّرهم ألف سنة ، وإن لم يؤمنوا أهلكهم بالعذاب لتمام خمسمائة سنة ، فقيل لهم : آمنوا يؤخركم إلى هذا الأجل.
فإن قيل : لم أمرهم بالاستغفار ، والاستغفار إنما يصح من المؤمن دون الكافر؟
قلنا : معناه : استغفروا ربّكم من الشرك ، بالتوحيد.
فإن قيل : لم قال تعالى : (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) (١٧). والحيوان ضد النبات ، فكيف ينطلق على الحيوان أنه نبات؟
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.