المبحث الثاني
ترابط الآيات في سورة «الجن» (١)
تاريخ نزولها ووجه تسميتها
نزلت سورة الجنّ بعد سورة الأعراف ، وكان نزولها في رجوع النبي (ص) من الطائف ؛ وكان قد سافر إليها ، ليدعو أهلها في السنة العاشرة من البعثة ، فيكون نزول سورة الجن ، فيما بين الهجرة إلى الحبشة والإسراء.
وقد سمّيت هذه السورة بهذا الاسم ، لقوله تعالى في أولها : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً) (١) وتبلغ آياتها ثماني وعشرين آية.
الغرض منها وترتيبها
الغرض من هذه السورة : ذكر قصة إيمان الجن ، لما فيها من العظة والإنذار للمشركين ؛ وكذلك كان الغرض من ذكر قصة نوح (ع) في السورة السابقة ، وهذا هو وجه المناسبة في ذكر هذه السورة بعدها.
قصة إيمان بعض الجن
الآيات [١ ـ ٢٨]
قال الله تعالى : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً (١) ، فذكر قصة إيمان بعض الجن في خمس عشرة آية منها ؛ ثم ذكر سبحانه أنه لو استقام المشركون على طريقة الإيمان ، كما استقام من آمن من الجن لأسقاهم ماء غدقا ؛ وأن من يكفر به يسلكه عذابا صعدا ؛ (وَأَنَّ
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفنّي في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي ، مكتبة الآداب بالجمايز ـ المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة ، القاهرة ، غير مؤرّخ.