المبحث الخامس
لغة التنزيل في سورة «الجن» (١)
١ ـ وقال تعالى : (كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً) (١١).
أي : ذوي مذاهب مختلفة ، والقدد جمع قدّة من القدّ ، كالقطعة من «قطع».
أقول : والوصف ب (قِدَداً) (١١) ، أريد به البيان والتوكيد.
٢ ـ وقال تعالى : (وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً) (١٢).
أقول : الهرب معروف ، وهو مصدر هرب يهرب.
غير أن العربية المعاصرة عرفت «الهروب» ، الذي لم يؤثر في نص قديم.
٣ ـ وقال تعالى : (وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً) (١٧).
أقول : وقوله تعالى (يَسْلُكْهُ عَذاباً) أي : يدخله ، وسلكه وأسلكه.
وأصل الفعل يتعدى إلى مفعول واحد ، فلمّا تضمّن معنى «يدخل» تجاوزه إلى المفعول الثاني.
وأصل الفعل : من قولنا سلك الخيط في الإبرة.
٤ ـ وقال تعالى : (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً) (١٤).
والقاسطون هم الكافرون الجائرون عن طريق الحق.
والقسط هو العدل ، والفعل أقسط بمعنى عدل ، وقسط بمعنى جار وظلم. وهذا من غرائب الأفعال في الدلالة بين المجرّد والمزيد.
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «من بديع لغة التنزيل» ، لإبراهيم السامرّاني ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، غير مؤرّخ.