الإدراك والتمييز ، والمعرفة التي استخلف بها الإنسان في هذا الملك العريض.
[الآية ٢٤] : إنّ ربكم هو الذي برأكم في الأرض ، وبعثكم في أرجائها على اختلاف ألسنتكم وألوانكم ، وأشكالكم وصوركم ، وكما بدأكم يعيدكم ، وإليه تحشرون وترجعون.
[الآية ٢٥] : ويسألون سؤال الشاك المستريب ، عن يوم الجزاء والحساب.
[الآية ٢٦] : قل علم هذا اليوم عند الله ، وما عليّ إلّا البلاغ والبيان ؛ أما العلم فعند صاحب العلم ، والواحد بلا شريك.
[الآية ٢٧] : ولو أذن الله لرأى البشر يوم الحساب واقعا لا محالة ، وعند هذه المفاجأة ورؤية الحساب والجزاء ، سيظهر الحزن والاستياء عليهم ، وتؤنّبهم الملائكة ، وتقول لهم : هذا هو اليوم الذي كنتم تستعجلون وقوعه ؛ والآية جرت على طريقة القرآن في عرض ما سيكون حاضرا مشاهدا ، بمفاجأة شعورية تصويرية ، توقف المكذّب والشاكّ وجها لوجه مع مشهد حاضر ، لما يكذّب به أو يشكّ فيه.
[الآية ٢٨] : روي أن كفّار مكّة كانوا يتربّصون بالنبيّ (ص) أن يهلك فيستريحوا منه ومن دعوته ، فقال لهم القرآن : سواء أهلك النبيّ (ص) حسب أمانيّهم ، أو رحمهالله ومن معه ، فلن يغيّر ذلك من وضعهم ، لأنّ عذابا أليما ينتظرهم ، ولن تجيرهم الأصنام ، ولن يجيرهم من الرحمن إلّا الإيمان.
[الآية ٢٩] : إنّ المؤمنين في قربى مع الرحمن ، فهم يؤمنون به ويتوكّلون عليه ، وهم موصولون بالله منتسبون إليه ، وسيتبيّن للكافرين من الضّالّ ومن المهتدي ، ولمن تكون العاقبة في الدنيا والاخرة.
[الآية ٣٠] : أخبروني إن ذهب ماؤكم في الأرض ، ولم تصل إليه الدّلاء ، من يأتيكم بماء جار نابع فائض متدفق ، تشربونه عذبا زلالا.
وهكذا تختم السورة بهذه اللمسة القريبة من القلب ، تذكرة بفضل الله الذي أجرى المياه ، ولو شاء لحرم الإنسان مصدر الحياة ، ولا ينقذ الإنسان من الله إلّا الله ؛ قال تعالى :
(فَفِرُّوا إِلَى اللهِ) [الذاريات : ٥٠].