المبحث السابع
لكل سؤال جواب في سورة «الحاقّة» (١)
قيل : لم قال تعالى : (بِرِيحٍ صَرْصَرٍ) [الآية ٦] ، ولم يقل «صرصرة» ، كما قال تعالى : (وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ) (٦) (عاتية) وهو صفة لمؤنث ، لأنها الشديدة الصوت أو الشديدة البرد؟
قلنا : لأنّ الصرصر وصف مخصوص بالرّيح لا يوصف به غيرها ، فأشبه باب حائض وطامث وحامل ، بخلاف عاتية فإنّ غير الريح من الأسماء المؤنّثة يوصف به.
فإن قيل : لم قال تعالى : (فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى) [الآية ٧] أي في تلك الليالي والأيّام ، والنبي (ص) ما رآهم ولا يراهم فيها؟
قلنا : «فيها» ظرف ، لقوله تعالى (صرعى) ، لا لقوله تعالى (فترى) ، والرؤية هنا من رؤية العلم والاعتبار ، فصار المعنى فتعلمهم صرعى في تلك الليالي والأيام ، بإعلامنا حتّى كأنّك تشاهدهم.
فإن قيل : لم قال تعالى : (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ) (١٣) إلى قوله سبحانه : (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ) (١٨) والمراد بها هنا النفخة الأولى ، وهي نفخة الصّعق ، بدليل ما ذكر بعدها من فساد العالم العلويّ والسفليّ ؛ والعرض إنّما يكون بعد النفخة الثانية ، وبين النفختين من الزمان ما شاء الله تعالى ، فلم قال سبحانه : (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ) [الآية ١٨].
قلنا : وضع اليوم موضع الوقت
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.