ناضِرَةٌ (٢٢) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ (٢٣) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ) (٢٤).
وهكذا يشعر القلب ، وهو يواجه هذه السورة ، أنه محاصر لا يستطيع الهروب ، مأخوذ بعمله لا يستطيع الإفلات ، لا ملجأ له من الله ولا عاصم. وهكذا تعالج السورة عناد المشركين وإصرارهم ، وتشعر الإنسان بالجدّ الصارم الجازم ، في شأن القيامة ، وشأن النفس ، وشأن الحياة المقدّرة بحساب دقيق. وقد لوّنت السورة وزاوجت بين حقائق الاخرة ، وحقائق الخلق والإبداع ، ومشاهد الموت والحساب ، وتكفّل الله بشأن القرآن وحفظه. وتلك خصيصة من خصائص الأسلوب القرآني ، حيث يخاطب القلب البشري بشتّى الأساليب والمؤثّرات والحقائق والمشاهد ، ممّا يأخذ عليه كل طريق ، ويقوده إلى الإذعان والتسليم.
مع آيات السورة
[الآيتان ١ ـ ٢] : يقسم الله تعالى بيوم القيامة وعظمة هوله ، وبالنفس التي تلوم صاحبها على الخير والشر ، وتندم على ما فات ؛ يقسم أن البعث حق.
[الآيتان ٣ ـ ٤] : يردّ سبحانه على بعض المشركين الذين لا يؤمنون بالبعث ، وقد كانت المشكلة الشعورية عند المشركين ، صعوبة تصورهم لجمع العظام البالية ، الذاهبة في التراب ، المتفرّقة في الثرى ، وإعادة بعث الإنسان حيا.
والنّص يؤكّد عملية جمع العظام ، بما هو أرقى من مجرد جمعها ، وهو تسوية البنان ، وتركيبه في موضعه كما كان ؛ وهي كناية عن إعادة التكوين البشري بأدق ما فيه ، حتّى يتمثل الإنسان بشرا سويّا ، لا ينقصه حتّى تسوية أصابعه ، وما حملت من خاصّيّات مميزة.
[الآيتان ٥ ـ ٦] : لا يجهل ابن آدم أنّ ربه قادر على أن يجمع عظامه ، ولكنه يريد أن يداوم على فجوره ، ولا يتخلى عنه ؛ ومن ثم فهو يستبعد وقوع البعث ، ويستبعد مجيء القيامة.
[الآيات ٧ ـ ٩] : ذكر سبحانه ، من علامات يوم القيامة ، أمورا ثلاثة :