قال تعالى : (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (٢٠) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) (٢١) [النساء].
مع السورة
ممّا شرعه الله تعالى للحدّ من الطلاق ، أنه سبحانه لم يبح الطلاق في كل وقت ، بل أمر بالصبر والتريث والانتظار ؛ فقد يكون الرجل واقعا تحت تأثير غضب جامح ، أو نزوة عارضة.
كما أنّ المرأة إنسان مرهف الإحساس في حاجة إلى التلطّف وحسن المعاملة. ويتمثّل ذلك فيما يأتي :
١ ـ ينبغي أن يكون الطلاق في طهر لم تجامع فيه المرأة حتّى تستقبل عدّتها بدون تطويل عليها.
٢ ـ ينبغي أن تقيم المرأة في بيت الزوجية ، فهو بيتها ما دامت على ذمّة الزوج ، ولا يجوز خروجها منه إلّا في حالة الضرورة ، بأن يترتّب على بقائها في البيت نزاع لا يطاق ، أو إساءة لأهل الزوج ، أو ارتكاب لذنوب كبيرة.
٣ ـ أباح الله للزوج مراجعة زوجته في فترة العدّة ، ولعلّ في بقائها في بيت زوجها ما يجعله يعدل عن الطلاق ؛ ثمّ إنّ القلوب بيد الله تعالى ، وهو سبحانه مقلّب القلوب. قال تعالى : (لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً) (١).
٤ ـ إذا أتمّت المرأة عدّتها فيجب أن يمسكها الزوج بالمعروف ، أو يفارقها بالمعروف ؛ ولا بدّ من الإشهاد على الطلاق أو الرّجعة ، حتّى تكون الحياة بين الزوجين ناصعة نزيهة.
٥ ـ حثّ القرآن على التّقوى ومراقبة الله تعالى ، وإدراك أنّ الرزق بيده سبحانه ؛ والمال رزق ، والتوفيق رزق ، وينبغي أن يكون المؤمن متوكلّا على الله في كلّ حال ؛ فهو مقدّر الأمور (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) (٣) فلكلّ حياة ولكلّ أمر قدر ، وكلّ شيء مقدّر بمقداره ، وبزمانه وبمكانه وبملابساته ، وبنتائجه وأسبابه ، وليس شيء مصادفة ، وليس شيء جزافا في هذا الكون كلّه ، وفي نفس الإنسان وحياته.