٦ ـ لقد بيّن القرآن في سورة البقرة عدّة المطلّقة ، بأنها ثلاث حيضات ، فإذا حاضت المرأة ثلاث مرات تأكّدت من خلوّ رحمها من الحمل ، ويباح لها الزواج بعد مدة العدة. قال تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) [البقرة : ٢٢٨] وفي الآية الرابعة من سورة الطلاق بيان عدة المرأة التي لا تحيض ، إمّا لصغر سنّها أو لكبر سنّها ؛ فالمرأة قبل البلوغ لا تحيض ، وبعد سن الخمسين سنة لا ينزل عليها الحيض.
ومثل هذه المرأة عدّتها ثلاثة أشهر ، أمّا المرأة الحامل فعدّتها وضع الحمل.
وتتخلّل آيات الطلاق دعوة الى تقوى الله ، وبيان أنّ هذه الأحكام من عند الله ، ومن يتّق الله ويطع أوامره ويحسن معاملة الطرف الاخر ، فله أجر عظيم ، وثواب كبير.
٧ ـ وتفيد الآيتان ٦ و ٧ أنّ الزوجة في فترة العدة لا تزال على ذمة الزوج ، ولذلك يجب أن تسكن في سكن مناسب لحالة الزوج ، ولا يصحّ أن يحتال الزوج لينزل ضررا بزوجته ؛ ومهما طالت فترة الحمل فيجب على الزوج أن يساهم في نفقة الحامل حتّى تضع حملها ، وفي فترة الرضاعة يجب على الزوج أن يساهم في نفقة الرضاعة ، ودفع أجرتها للأم ، وهذه النفقة تقدّر بحال الزوج ويساره أو إعساره.
وبذلك وضع القرآن أصولا يلتزمها كلّ إنسان ، فالفقير ينفق حسب حالته ، والغني ينفق ممّا أعطاه الله ، والأرزاق بيد الله فهو سبحانه الميسّر ، وهو الرزّاق ذو القوّة المتين ، قال تعالى : (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً) (٧).
٨ ـ وقد عالجت السورة كل أنواع الكيد والحيل في إصابة الشريك بالأذى عند إنهاء الحياة الزوجية ، بقوله تعالى (وَلا تُضآرُّوهُنَ) وهذا القول يشمل كل أنواع العنت التي لا يحصرها نصّ قانوني مهما اتّسع ؛ وفي الحديث الشريف : «لا ضرر ولا ضرار» ، وهو أصل عامّ ينهى المؤمن عن ضرر الناس ، فضلا عن إضراره بمن كانت زوجة له.