المبحث السادس
المعاني المجازية في سورة «التغابن» (١)
في قوله تعالى : (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا) [الآية ٨] استعارة. والمراد بالنور هاهنا القرآن. وإنّما سمّي نورا لأنّ به يهتدى في ظلم الكفر والضلال ، كما يهتدى بالنور الساطع ، والشهاب اللامع. وضياء القرآن أشرف من ضياء الأنوار ، لأن القرآن يعشو إليه القلب ، والنور يعشو إليه الطّرف.
وقوله سبحانه : (يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ) [الآية ٩]. فذكر التغابن هاهنا مجاز ، والمراد به ، والله أعلم ، تشبيه المؤمنين والكافرين بالمتعاقدين والمتبايعين ؛ فكأنّ المؤمنين ابتاعوا دار الثواب ، وكأنّ الكافرين اعتاضوا منها دار العقاب ، فتفاوتوا في الصّفقة ، وتغابنوا في البيعة ، فكان الربح مع المؤمنين ، والخسران مع الكافرين.
ويشبه ذلك قوله تعالى : (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (١٠) تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ) [الصفّ].
وليس في السورة التي يذكر فيها «الطلاق» (٢) شيء من الغرض الذي نقصده في هذا الكتاب.
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب : «تلخيص البيان في مجازات القرآن» للشريف الرضي ، تحقيق محمد عبد الغني حسن ، دار مكتبة الحياة ، بيروت ، غير مؤرّخ.
(٢). يرى المؤلّف أن سورة الطلاق ليس فيها شيء من مجازات القرآن.