المبحث السابع
لكل سؤال جواب في سورة «القلم» (١)
إن قيل : لم قال تعالى : (وَلا يَسْتَثْنُونَ) (١٨) أي ولا يقولون إن شاء الله ، فسمّى الشرط استثناء؟
قلنا : إنّما سماه استثناء لأنه في معناه ، فإنّ معنى قولك «لأخرجن إن شاء الله» ، و «لا أخرج إلّا أن يشاء الله» قول واحد. وقال عكرمة : المراد به حقيقة الاستثناء : أي أنهم لا يستثنون حقّ المساكين ، والجمهور على الأول.
فإن قيل : لم سمّى أوسطهم الاستثناء تسبيحا ، فقال كما ورد في التنزيل (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْ لا تُسَبِّحُونَ) (٢٨) ، أي لو لا تستثنون؟
قلنا : إنّما سماه تسبيحا لاشتراكهما في معنى التعظيم ، لأنّ الاستثناء تفويض إليه ، وإقرار ، بأنه لا يقدر أحد أن يفعل فعلا إلّا بمشيئته سبحانه ؛ والتسبيح تنزيه عن السوء. الثاني : أنه كان استثناؤهم قول «سبحان الله». الثالث : أن معناه لو لا تنزّهون أنفسكم وأموالكم عن حق الفقراء.
فإن قيل : لم قال تعالى : (وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ) [الآية ٤٣] ، ولا تكليف في الدار الاخرة؟
قلنا : لا يدعون إليه تكليفا وتعبّدا ، ولكن توبيخا وتعنيفا على تركه في الدنيا.
فإن قيل : لم قال تعالى : (وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ) ، وهم إنّما كانوا يدعون إلى الصلاة. فإن المراد بالآية دعاؤهم إلى الجماعات بأذان المؤذن حينما يقول : حيّ على الصلاة؟
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.