[الآيات ٥ ـ ٩] : تعبّر الآيات عن جهود نبيّ كريم ، في دعوة قومه إلى الإيمان ، فهو يؤدّي رسالته ، وينهض بدعوة قومه ويناجي ربّه قائلا ما معناه :
لقد دعوت قومي إلى عبادتك والإيمان بك في الليل والنهار ، وانتهزت كلّ فرصة مناسبة ، لدعوتهم وإرشادهم ؛ ولكنّهم لم يستجيبوا لدعوة الله ، وقابلوها بالجحود والعناد ، وأغلقوا في وجه الدعوة قلوبهم ، وسدّوا منافذ العلم إلى نفوسهم ، فجعلوا أصابعهم في آذانهم ، ليمنعوها من السمع ، وغطّوا عيونهم بثيابهم ليمنعوها من الإبصار ؛ واستمروا في عنادهم وكفرهم.
وقد لوّن نوح (ع) في أساليب الدعوة ، فدعاهم علنا في أماكن التجمّع فلم يستجيبوا ، فدعا كل فرد على حدة ، وحاول استمالة الأشخاص واقناعهم ، فلم يلق قبولا.
[الآيات ١٠ ـ ١٢] : وقد دعاهم إلى التوبة والإنابة ، وطلب المغفرة من الله فإذا صدقوا في توبتهم غمرهم الله بالنعم ، وأنزل عليهم المطر ، ورزقهم الأموال والذّريّة ، والبساتين النضرة والمياه الجارية.
[الآيات ١٣ ـ ٢٠] : لم لا تعظّمون الله وهو خالق الأوّلين والآخرين في أطوار وجودهم ، وجميع ما في الكون يدلّ على الله؟ فالسماوات السبع المتطابقة بعضها فوق بعض ، والشمس والقمر ، وخلق الإنسان ونموّه كما ينمو النبات ، ثم عودته إلى الأرض بعد الموت ، والأرض الممهّدة ، المهيّأة للانتفاع بما في باطنها من كنوز ومعادن ، وما في ظاهرها من زراعة وصناعة وتجارة ، هذه المخلوقات كلّها تدلّ على الإله الخالق.
[الآيات ٢١ ـ ٢٥] : في هذا المقطع نسمع آلام نبيّ كريم ، قدم لقومه مختلف الحجج والبراهين ، ولكنّ قومه قابلوا دعوته بالتكذيب والعصيان ، واتّبعوا الخاسرين الهالكين ، والزعماء المضللين ، وبيّتوا أمرهم بالكيد لنوح ودعوته ، وتواصوا بالبقاء على كفرهم ومألوفهم وعبادة أصنامهم ، وخصّوا بالذكر الأصنام الخمس الكبار وهي : ودّ ، وسواع ، ويغوث ، ويعوق ، ونسر ، وهي أصنام كان قوم نوح يعبدونها ، ثم عبدتها العرب. وهنا ضاق نوح بقومه ، وضلالهم الكثير ، فدعا الله أن يزيدهم ضلالا جزاء