رحمة الله بعباده مثل : الرؤوف ، الرحمن ، الرحيم ... إلى غير ذلك من صفات قد تلتقي بصفات البشر ، ولكنّها تختلف عنها في الجنس والنوع ، هي وكل ما يتّصل بالذات الإلهية.
ووحدانيّة الله في أفعاله : هي التفرّد في خلق الكون ، والقيام عليه ، وتدبير نظامه المحكم ، بقوانين ماثلة في جميع الأشياء ، يقول الحق سبحانه : (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ (٦) وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٧) تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (٨) وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (٩) وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ (١٠) رِزْقاً لِلْعِبادِ وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ) (١١) [ق].
وهذا الكون العظيم ، بنظامه البديع ، وناموسه الرائع ، يدلّ دلالة واضحة على وحدانية الله ، وتفرّده بالألوهية. قال تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) [الأنبياء : ٢٢]. وقال سبحانه : (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ) (٩١) [المؤمنون].
ومضمون هذه الآيات ، أنه لو تعددت الالهة في الكون ، لفسد نظام السماوات والأرض ، ولاختلّ تماسكها القائم على وحدة نظام ، ووحدة تسيير ؛ وبما أن الكون ، لم يفقد نظامه ، ولا تماسكه ، فدل ذلك على نفي تعدّد الالهة ، وثبتت وحدانية الحقّ ، سبحانه : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (١).
(اللهُ الصَّمَدُ) (٢).
(الصمد) : المقصود في الحوائج وحده ، فهو الملاذ ، وهو الملجأ ، وهو المستعان ، وهو المستغاث ، ولا حول ولا طول لسواه ، إنّه الخالق ، الصانع ، الحافظ ، الوهّاب ، النافع ، الضارّ ؛ كلّ شيء بيده جلّت قدرته ، وفي قبضته ؛ يعطي ، ويمنع ؛ يبسط ويقبض ؛ يثيب ويعاقب ؛ وكل شيء في الكون متّجه إليه ، يتلقّى منه الوجود ؛ إنه المحيي المميت ، الذي يهب كل حي حياته ؛ وكلّ حيّ بل كلّ كائن ، ينقاد إليه شاعرا بضعفه وعجزه ؛ وأنه محتاج إلى برّه وتفقّده له ؛ فهو الكالئ ، الحافظ ، بالليل والنهار ، وعلى مر الزمان. وهو