فجميع الضمائر الستة التي وردت في هذا المقطع من الآية هي على صورة جمع المؤنث (تأملوا جيداً).
ثم يتبدل لحن الآية ، ويقول : (انَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنْكُم الرِّجسَ اهلَ البَيتِ وَيُطهرِّكُم تَطهِيراً).
وقد استخدم في هذا المقطع من الآية ضميرين جمع بصورة جمع المذكر.
صحيح أنّ مطلع ونهاية كل آية يستهدف امراً واحداً ، إلّاأنّ هذا الكلام يجري في المكان الذي لا تتوفر فيه قرينة على الخلاف ، وعلى هذا فالذين رأوا أنّ هذا الجانب من الآية ناظرٌ إلىّ نساء النبي صلىاللهعليهوآله أيضاً فقد نطقوا خلافاً لظاهر الآية والقرينة التي فيها ، أي تباين الضمائر.
بالإضافة إلى ذلك نمتلك روايات عديدة فيما يتعلق بهذه الآية حيث نقلها أكابر علماء المسلمين سواء الشيعة أم السنّة عن النبي صلىاللهعليهوآله وجاءت بشكل وآخر في أشهر كتب الفريقين التي تحظى بقبولهم.
هذه الروايات بأجمعها تفيد أنّ المخاطب في هذه الآية هو النبي صلىاللهعليهوآله وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام (لا نساء النبي) كما سيأتي بالتفصيل فيما بعد.
ولكن قبل الدخول في البحث لابدّ من التطرق إلى تفسير العبارات :
إنّ التعبير بـ «إنّما» الذي عادة ما يستعمل للحصر دليل على أنّ الموهبة الواردة في هذه الآية تخص آل النبي صلىاللهعليهوآله ولا تشمل غيرهم.
وعبارة «يريد» إشارة إلى إرادة الله التكوينية ـ أي أنّ الله تعالى شاء من خلال أمر تكويني أن يطهركم ويحفظكم من كل قذارة ـ لا الإرادة التشريعية ، فالإرادة التشريعية تعني تكليفهم بصيانة أنفسهم طاهرة ، ونحن نعلم أنّ هذا التكليف لا يختص بآل الرسول صلىاللهعليهوآله بل إنّ المسلمين جميعاً مكلفون بتطهير أنفسهم.
ربّما يتصور أنّ الإرادة التكوينية تفرض نوعاً من الجبر ، وفي هذه الحالة لن تكون العصمة فضيلة وفخراً.