الأمر الأول : سنخ ما أوردناه ثانيا على النطق ، فإن كان المأخوذ قيدا هو مفهوم إصدار الحكم فهذا باطل بالضرورة ، لأن هذا المفهوم لا يتبادر إلى الذهن حين سماع كلمة عالم ، وإن كان المأخوذ قيدا هو واقع إصدار الحكم ، يلزم أن لا يكون لكلمة عالم معنى حينما يؤتى بها مفردة ، لأن واقع الحكم غير ثابت حينئذ ، مع أن كلمة عالم لها معنى سواء كانت مفردة أو كانت في جملة.
الأمر الثاني : هو أن الجري يكون في طول المحمول والموضوع ، فالجري في قولنا «زيد عالم» عبارة عن إثبات هذا لذاك ، فهو في طول هذا وذاك ، فكيف يؤخذ قيدا في أحدهما ، فهذا أمر غير معقول.
وبهذا اتضح أن المشتق بناء على كونه موضوعا لخصوص المتلبس ، هو موضوع لمطلق المتلبس دون قيد النطق ودون قيد الجري ، وبناء على هذا نحتاج إلى ثلاث دوال في قولنا زيد عالم ، الدال لأول كلمة عالم التي تدل على مفهوم التلبس دون نظر لها إلى زيد ، والدال الثاني يدل على أن هذا التلبس محفوظ في ظرف إصدار الحكم ، وهو ظهور الجملة الحملية في الهوهوية ، والدال الثالث يدل على أن ظرف إصدار الحكم هو نفس ظرف النطق وهذا الدال هو الإطلاق وعدم ذكر زمان آخر.