وأمّا فكرة الاجتهاد بين أصحاب الأئمة (عليهمالسلام) وخصوصاً أصحاب الباقرين والكاظمين (عليهمالسلام) فحدّث عنه ولا حرج ، ويكفي لذلك الإمعان في الأسئلة والأجوبة التي دارت بين الصادقين وأصحابهما ، وهي أوضح دليل على وجود الاجتهاد في الطبقة العليا منهم ، فلاحظ ما دار بين الإمام الصادق (عليهالسلام) وزرارة ومحمّد بن مسلم وأضرابهما من المناظرات في فقه القرآن والسنّة ولتطلب من كتب الرّجال والحديث ، وقد أتينا ببعضها فيما سبق فلاحظ.
نعم ، إنّ الاجتهاد في العصور المتقدمة كان يسيراً لا عسيراً ، لجهات متعدّدة أهمّها قرب العهد من عصر المعصومين وتمكّن البعض من الحضور لديهم واستفتائهم ، وعدم تطرّق التقطيع والتحريف للأحاديث ، وتمييز الصّادر عن تقيّة عن غيره بسهولة ، ـ ومع ذلك كلّه ـ لم يكن الإفتاء بلفظ الحديث إلّا بعد تخصيص العامّ بالخاصّ والمطلق بالمقيّد وتقديم الصادر لبيان الواقع على الصادر عن تقيّة ، إلى غير ذلك من الأُصول المبتني عليها صرح الاجتهاد.
والتفاوت بين الاجتهاد بسهولة المتقدّم وصعوبة المتأخّر لا يكون فارقاً وموجباً لانصراف الرّوايات عن القسم الثاني مع اشتراكهما في استنباط الأحكام الشرعيّة من الأدلّة على ضوء الأُصول التي أطبقت العقلاء على اعتبارها وأمضاها الشارع أو لم يردع عنها.
نعم هناك لفيف من الآيات ربّما كانت ذريعة لنفي التقليد واستند إليها معاشر الأخباريين من أصحابنا ، وإليك عناوينها قبل الخوض في بحثها.
١ ـ الآيات الذامّة للتقليد.
٢ ـ الآيات الناهية عن اتّباع الظنّ.
٣ ـ الآيات التي تنكر عمل أهل الكتاب.