الصورة الثالثة : إذا شكّ في اختلافهما في الفتوى :
إذا لم تحرز المخالفة بين فتوى الفاضل والمفضول ، هل يجب الرّجوع إلى الفاضل أو يجوز الرّجوع إليهما اختياراً؟
يقع الكلام في مقتضى الأصل العمليّ تارة ومقتضى الأدلّة الاجتهاديّة أُخرى.
أمّا الأصل فهو نفس الأصل في الصورة المتقدّمة ، أي أصالة عدم حجيّة رأي أحد على أحد إلّا ما قام الدّليل القطعيّ على حجيّته وهو رأي الأعلم ، وأمّا غيره فهو مشكوك الحجيّة ، والشكّ فيها مساوق للقطع بعدمها ، وإن شئت قلت : إنّ العمل بفتوى الأعلم معذّر قطعاً بخلاف العمل بفتوى غيره فإنّه مشكوك المعذّريّة ، والعقل يحكم بالأخذ بما هو مقطوع المعذّريّة.
وأمّا الأدلّة الاجتهاديّة ، فالحقّ عدم تعيّن الرّجوع إلى الفاضل وذلك لإطلاق الآيات ، والرّوايات الإرجاعيّة محكّمة مع عدم العلم بالمخالفة في المقام ، ولا مانع من شمولها للمقام من غير فرق بين آية السؤال وغيرها وإن كانت دلالة بعضها لا تخلو من خفاء ، وقوله (عليهالسلام) : «عليك بزكريّا بن آدم ...» ، مطلق يعمّ ما لو كان معه من هو أعلم منه ، ما لم تعلم المخالفة ، وهكذا سائر الإرجاعات ، وليست السيرة في المقام رادعة عنها ، لاختصاصها بما إذا أحرزت المخالفة بينهما ، ولأجل ذلك نرى الرّجوع من العقلاء إلى مطلق أهل الخبرة عند عدم العلم بالمخالفة ولو عمّت السيرة لهذه الصّورة أيضاً ، للزم أن يكون أكثر الخبراء عاطلين عن عملهم.
وأمّا سائر الأدلّة التي استدلّ بها على لزوم تقليد الأعلم ، فقد عرفت عدم دلالتها على الرّجوع إليه ، غير السيرة وقد عرفت حالها.
وبعبارة أُخرى : لا شكّ أنّ بين من أمر الأئمّة (عليهمالسلام) باستفتائهم لم