فعلى الأُولى : لا مسوّغ للعدول إلى الميّت لوجوب تقليد الأعلم.
وعلى الثانية : لم يكن تقليد الحيّ غير الأعلم صحيحاً ، وكانت الوظيفة هي البقاء في الفتاوى التي يتذكّرها ، فيجب عليه الرّجوع إلى الميّت.
وعلى الثالثة : لقد كان مخيّراً بين المجتهدين ، وبما أنّه متذكّر لفتاوى الميّت لا يعدُّ الرّجوع إليه رجوعاً إلى الميت ابتداءً ، فلا مانع منه (١). واختلاف أعماله ـ في فترة عدوله إلى الحيّ وقبل رجوعه إلى الميّت ـ غير مضرّ ، لأنّه قام بها عن دليل وحجّة شرعيّة ، كما لو قلّد مجتهداً فمات ، فقلّد آخر ـ مع اختلافهما في الفتوى ـ فأعماله السابقة صحيحة لصدورها عن حجّة ، وسيوافيك البيان في مبحث العدول.
العدول من الحيِّ إلى الحيِّ :
هل يجوز العدول من الحيّ إلى الحي مطلقاً ، أو لا يجوز كذلك أو فيه التفصيل بين كون الثاني أعلم وعدمه ، ومحلّ الكلام فيما إذا كان بين المجتهدين اختلاف في الفتوى ، وأمّا صورة المسألة فثلاث :
الأُولى : أن يكون الأوّل أعلم من الثاني.
الثانية : أن يكون الأمر على العكس.
الثالثة : أن يكونا متساويين.
أمّا على الأُولى : فلا يجوز العدول ، لما تقدّم من عدم جواز تقليد المفضول مع وجود الفاضل.
أمّا على الثانية : فيجب الرّجوع إلى الثاني ، وليس وجهه إلّا سيرة العقلاء
__________________
(١) على القول بأنّ التّخيير بين المتساويين استمراريّ ، وأمّا على القول بأنّه بدويّ فلا ، وسيوافيك بيان الحال في الصورة الأخيرة من أحكام العدول.