الجارية على الرّجوع إلى الفاضل في مهامّ الأُمور ، وهي دليل اجتهاديّ متقدّم على الأصل موافقاً كان أو مخالفاً.
وربّما يستدلّ بالأصل العقليّ أي دوران الأمر بين التعيين والتّخيير لأنّ حجيّة فتوى الأعلم قطعيّة وحجيّة غير الأعلم مشكوكة ، فلا يخرج عن العهدة إلّا بالأخذ بما تكون البراءة معه قطعيّة.
يلاحظ عليه : أنّ الأصل محكوم بالأصل الشرعيّ وهو أصالة بقاء حجيّة فتوى من كان على تقليده والأصل العقليّ إنّما يحتجّ به مع عدم ورود بيان من الشّارع.
وأمّا الثالثة : أي : إذا كانا متساويين مع العلم بالخلاف ، فهل يجوز العدول من أحدهما إلى الآخر أو لا؟
استدلَّ للجواز بوجوه :
الأوّل : التمسّك بإطلاق دليل حجيّة الفتوى ، حيث إنّ حجيّة كلّ منهما غير مشروطة بعدم الأخذ بالآخر.
يلاحظ عليه : أنّ دليل الحجيّة في كلّ مقام لا يشمل صورة التعارض ، لأنّ معناه جعل الحجيّة لكلّ من المتعارضين وهو كما ترى.
الثاني : الإجماع على التّخيير.
يلاحظ عليه : أنّ الإجماع على فرض ثبوته دليل لبيّ يقتصر فيه على القدر المتيقّن وهو التّخيير الابتدائي لا الاستمراريّ.
الثالث : استصحاب التّخيير الثّابت بالإجماع ، لأنّ المكلّف قبل الأخذ بأحدهما كان مخيّراً بين أحدهما بالإجماع ، فيشكّ في بقائه ، ولكون الإجماع دليلاً لبيّاً غير قابل للاحتجاج به بعد الأخذ ، فيتمسّك بالاستصحاب كما هو شأن كلّ مقام يكون الدّليل الاجتهاديّ (اللبيّ) قاصراً ، فيثبت الحكم الشرعي في الحال اللّاحقة بالاستصحاب.