دور الحاكم في رفع التزاحم بين الأحكام الأوّليّة :
إنّ تقدّم العناوين الثانوية على الأوّلية يحلّ العقد في مقامين :
الأوّل : إذا كان هناك تزاحم بين الحكم الواقعيّ الأوليّ وأحكام العناوين الثانوية ، فتقدم الثانية على الأُولى ، إمّا من باب الحكومة أو من باب التوفيق العرفيّ.
الثاني : إذا كان هناك تزاحم بين الأحكام الواقعيّة بعضها مع بعض بحيث لو لا القضاء والحكومة لفك العقد وحفظ الحقوق لحصلت مفاسد ، وهنا يأتي دور الحاكم والفقيه الجامع للشرائط الشاغل منصبه الولاء لا الافتاء ، أي : بتقديم بعض الأحكام الواقعيّة على بعض في المقام.
بل بمعنى تعيين أنّ المورد من صغريات أيّ واحد من الحكمين الواقعيين ، ولا يحكم الحاكم في المقام إلّا بعد دقة وإمعان ودراسة للظروف الزمانية والمكانية ومشاورة العقلاء والخبراء.
وبعبارة أُخرى : إذا وقع التزاحم بين الأحكام الأوّليّة بعضها مع بعض ، فيقدّم بعضها على بعض في ظلّ هذه العناوين الثانويّة ، ويقوم به الحاكم الإسلاميّ بفضل الولاية المعطاة له ، فتصير هذه العناوين مفاتيح بيد الحاكم ، يرتفع بها التزاحم والتنافي ، فمعنى مدخليّة الزّمان والمكان في حكم الحاكم عبارة عن لزوم رعاية المصالح العامّة الإسلامية في زمانه ومكانه ، حتّى يتّضح أنّ المقام صغرى لأي كبرى من الكبريات ، وأيّ حكم من الأحكام الواقعية ، فيكون حكمه بتقديم إحدى الكبريين شكلاً إجرائيّاً لجريان الأحكام الواقعية ومراعاة لحفظ الأهمّ وتخطيطاً لحفظ النّظام وعدم اختلاله.
وبذلك يظهر أنّ حكم الحاكم الإسلاميّ يتمتّع بميزتين :