روايات عمَّار السَّاباطي (١).
ومنها و ـ : التَّقية :
فإنَّها تارةً تكون من السلطان الجائر ، وأُخرى من فقهاء البلدِ ، وثالثة حفظاً لحرمة السَّائل كما مرَّ.
وظهرت أحاديث التقية بجلاء ووضوح في عصري الباقر والصادق (عليهماالسلام).
روى في الكافي في باب اختلاف الحديث في الموثَّق عن زرارة عن أبي جعفر (عليهالسلام) قال : سألته عن مسألة فأجابني ، ثمّ جاءه رجل فسأله عنها فأجابه بخلاف ما أجابني ، ثمّ جاء رجل آخر فأجابه بخلاف ما أجابني وأجاب صاحبي ، فلمَّا خرج الرجلان قلت : يا ابن رسول الله رجلان من أهل العراق من شيعتكم قدما يسألان ، فأجبت كلَّ واحد منهما بغير ما أجبتَ به صاحبه؟ فقال (عليهالسلام) : «يا زرارة إنَّ هذا خير لنا وأبقى لكم ، ولو اجتمعتم على أمر واحد لصدَّقكم النَّاس علينا ولكان أقلَّ لبقائنا وبقائكم». قال : ثمّ قلت لأبي عبد الله
__________________
(١) قال صاحب الجواهر (رضي الله عنه) في ج ١ كتاب الطهارة ـ في مسألة التراوح في نزح ماء البئر ـ ص ٢١٥ : ... وخبر عمَّار وفيه : أنّه سئل الصَّادق (عليهالسلام) : عن بئر يقع فيها كلب أو فأرة أو خنزير؟ قال (عليهالسلام): «ينزف كلّها فإن غلبَ عليه الماء فلينزف يوماً إلى الليل ثمَّ يقام عليها قوم يتراوحون اثنين اثنين فينزفون يوماً إلى الليل وقد طهرت».
وقوله (عليهالسلام) «ثمّ» إمَّا أن تقرأ بفتح الثاء أو يُقدَّر (قال) بعدها ، بل عن بعضِ النّسخ وجودها بعدها ، أو هي للترتيب الذكريّ ، أو أنَّ المعنى كما في كشف اللثام : فإن غلب الماءُ حتى يعسر نزحُ الكلّ فلينزف إلى اللَّيل حتّى ينزف ، ثمّ إن غلب حتى لا ينزف وإن نزح إلى اللَّيل أُقيم عليها قوم يتراوحون ، وهو كما ترى ، وقد يقوى في الظنِّ أنَّها من زيادات عمَّار كما يشهد له تتبع رواياته وما قيل في حقِّه ، وما يشاهد من أحوال بعضِ النَّاس من اعتياد الإتيان ببعضِ الألفاظ في غير محلِّها ، لعدم القدرة على إبراز الكلام متّصلاً ... انتهى.