أحد حتّى العامّي غير أنّ الرّجوع تارة يكون مباشرة (بالاجتهاد) وأُخرى بلا مباشرة (بالتّقليد) ، ومرجع الكلّ في الحقيقة هو الكتاب والسنة ، وليس ما دلّ على الرجوع ، ظاهراً في خصوص الرّجوع المباشريّ.
وتظهر قوّة جواز الرّجوع والتّقليد ، لو وقفنا على أنّ مناط حجيّة اجتهاد المجتهد هو الطريقيّة ، فعليه نقول : تعيّن رجوعه إلى اجتهاد نفسه مع كون كليهما طر يقين إلى الواقع يحتاج إلى الدّليل.
نعم إذا استنبط وخالف الآخر لا يصحّ له الرّجوع إلى الغير ، لأنّه يخطّئهُ باجتهاده ، دون ما إذا لم يستنبط.
فإنّ قلت : إنّه يعلم أنّه لو قام بالاستنباط لخالف الآخر في بعض آرائه ، ومعه كيف يجوز الرّجوع إليه.
قلت : إنّ العلم بالمخالفة ليس في دائرة محصورة ، بل في مجموع أبواب الفقه الكثيرة ، الخارج أكثرها عن محلّ الابتلاء ، ومثل هذا العلم غير منجّز في باب العلم الاجماليّ.
ثمّ على ما ذكره الشّيخ يكون الموضوع لجواز الرّجوع إلى نفسه هو المستنبط بالفعل الّذي استنبط الأحكام الشّرعية الفرعيّة وصار عارفاً بها ، والموضوع لحرمة الرّجوع إلى الغير أوسع من ذلك وأعمّ ، أي شموله للمستنبط بالقوّة ، وهذا على خلاف ما ذهبنا إليه ، فإنّ الموضوع لجواز الرّجوع إلى نفسه وحرمة الرّجوع إلى الغير وتقليده ، يكون شيئاً واحداً وهو المستنبط بالفعل.
أمّا الحكم الثّالث : جواز رجوع العامّي إلى المجتهد وتقليده :
فسيوافيك دليله في الفصل الخاصّ بجواز رجوع العامّي إلى المجتهد ، والغرض في المقام هو بيان أحكام عنوان المجتهد عقلاً أو شرعاً.