حصيلة البحث :
هذا وإنَّ الحقّ هو : صلاحيّة المتجزّي للقضاء إذا استنبط شيئاً معتدّاً به ، وإنّ قصرت يده عن معضلات المسائل ، فإنّ أهمّ ما يدلّ على شرطية الاجتهاد المطلق هو قوله (عليهمالسلام) في المقبولة : «نظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا» إلّا أنّه وارد في قبال المنع عن الرّجوع إلى حكام الجور وقضاتهم ، بمعنى وجوب الرّجوع إلى من كان نظر في حلالهم وحرامهم وعرف أحكامهم ـ (عليهمالسلام) ، لا إلى من نظر في حلال الآخرين وحرامهم وعرف أحكامهم التي هي مقابل أحكامهم (عليهمالسلام) ، وعليه فمن استنبط شيئاً معتدّاً به من الحلال والحرام والأحكام ، كان مصداقاً لقوله (عليهالسلام) : «نظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا».
وبذلك يعلم حال المشهورة الأُولى لأبي خديجة حيث جاء فيها : «قد عرف حلالنا وحرامنا» ، فإن هذه الجملة وما في المقبولة ـ من قوله (عليهالسلام) : «قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا» ـ تتضمّن وراء المعنى الايجابيّ معنى سلبيّاً وهو نفي الرّجوع إلى الغير ، والواجب هو الرّجوع إلى من عرف حلالهم وحرامهم نظر فيهما ، وهو صادق في حقّ الطبقة العالية من المتجزّءين إذا استنبطوا شيئاً معتداً به كما تقدّم.
ويؤيد ذلك أمران :
الأوّل : إن القضاة الّذين كانت الشّيعة تفزع إليهم في تلك الأيّام ، لم يكونوا إلّا في هذه الدرجة من العلم والعرفان ، ولم تكن لهم معرفة فعليّة بجميع الأحكام ، لتفرّق الرّوايات وتشتّتها بين الرّواة ، وعدم وجود جامع بين الحكّام حتّى يكونوا متدرّعين بالعلم بجميع الأحكام.
الثاني : كان الأمر في عصر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والوصي (عليهالسلام) أيضاً كذلك ، فقد