خاتمة المطاف :
لا شك أنّ لاختلاف الفقهاء في فتاواهم أسباباً ليس المقام لبيان تفصيلها ، ولكن نشير هنا إلى سبب خاصّ وهو تعارض الروايات المروية عن أهل البيت (عليهمالسلام) ، وبما أنّ لشيخنا الأُستاذ ـ مدّ ظلّه ـ تحليلاً رائعاً ، في هذا المقام ، وقد طرحه عند البحث عن تعارض الأدلّة [في الثالث والعشرين من شهر جمادي الأُولى من شهور عام ١٤١٤ ه ـ] فناسب نقله هنا إكمالاً للفائدة ، ولو ساعدنا الزمان سنقوم بنشر ما أفاده شيخنا الأُستاذ ـ مدّ ظلّه ـ من الأفكار البديعة في المبحث المذكور.
قال شيخنا الأُستاذ ـ حفظَه الله تعالى ـ :
عند ما نطالع كتابي الوسائل والمستدرك مثلاً ، نرى أنَّه ما من باب من أبوابِ الفقه إلّا وفيه اختلاف في رواياته ، وهذا ممَّا أدَّى إلى رجوع بعض ممَّن استبصروا عن مذهبِ الإماميَّة.
قال شيخنا الطوسي (رحمهالله) في أوائل تهذيبهِ : «سمعت شيخنا أبا عبد الله (المفيد (رحمهالله) أيَّده الله ، يذكر أنَّ أبا الحسين الهارونيّ العلويّ كان يعتقد الحقَّ ويدينُ بالإمامَة ، فرجعَ عنها لمَّا التبس عليه الأمر في اختلافِ الأحاديثِ ، وتركَ المذهَبَ ودانَ بغيره (١) لما لم يتبيَّن له وجوه المعاني فيها ، وهذا يدلُّ على أنَّه دخلَ فيه على غيرِ بصيرة واعتقدَ المذهب من جهةِ التقليد ، لأنَّ الاختلاف في الفروع لا يوجب ترك ما ثبت بالأدلَّة من الأُصول» (٢) انتهى.
__________________
(١) صار زيديّاً وهو من الشخصيات البارزة فيهم. (منه حفظه الله).
(٢) التهذيب : ١ / ٢ و ٣.