هذه السيرة لأجل هذه الخصيصة ، فالمدار عند الشارع والمطلوب هو إدراك الواقع. ومن المعلوم أنّ الأمر بالعمل على طبق مؤدّى الامارات لا يقلب الواقع إلى طبق مؤدّاها ، وعليه فالواقع باق بحاله ، فمع انكشاف بطلان الامارة السابقة وعدم كونها طريقاً إلى الواقع ، لم يسقط التكليف إلّا بالإعادة أو القضاء.
يلاحظ عليه : أنّا لا ننكر شيئاً ممّا ذكر من الأمور من أنّ حجيّة الامارات لكونها طرقاً إلى الواقع ، وأنّ الشارع أمضاها لكونها كذلك ، وأنّ الامارات لا تقلب الواقع إلى مجاريها ، وكلّ ذلك ينتج عن أنّ المطلوب الأوّلي عند الشّارع إدراك الواقع ، إلّا أنّ في المقام نكتة وهي أنّ الأمر بالعمل بالامارة في مقام استكشاف كيفيّة العمل الّذي أمر به المولى يلازم عرفاً ـ كما تقدم ـ رضى المولى في الإتيان على طبق مؤدّى الامارة على حدّ كاشفيّتها ، فالشّارع اكتفى في دائرة المولويّة والعبوديّة فيما يرجع إلى مقاصده ومراميه بما تؤدّيه الامارة وإن بان الخلاف ، فرفَعَ يده عن مقاصده وإدراك الواقع المحبوب تسهيلاً على العباد.
فلو أمر المولى عبده بصنع دواء أو غذاء ، وأمر بالرّجوع في صنعهما إلى صيدليّ وطبّاخ معيّنين ، فرجع العبد إليهما وقام بالواجب ثمّ بان الخطأ ، كان العبد معذوراً لأدائه الوظيفة المطلوبة منه ، والحكم بالإعادة يحتاج إلى أمر جديد وبذلك تقف على أنّ تبدّل الرّأي لا يؤثّر في صحّة الأعمال السّابقة (للمجتهد والمقلِّد) ، لتحقّق الامتثال بالوظيفة المطلوبة حسب توجيه المولى وإرشاده.
وأمّا الإجزاء في مورد الأصول فقد تقدّم الكلام فيه عند البحث عن الإجزاء ولا نعيد.