المسألة الخامسة : في البقاءِ على تقليد الميّت :
إنّ مسألة البقاء على تقليد الميّت والتي يعبّر عنها بالتقليد الاستمراريّ ، من المسائل المستحدثة في القرن الثالث عشر عصر صاحب الفصول والجواهر ، ولم تكن معنونة قبلهما في كتب القوم ، ومن هناك اختلفت كلمتهم ، فمن قائل بجواز البقاء مطلقاً إلى مانع كذلك ، ومفصّل بين ما إذا عمل بفتاواه وما إذا لم يعمل بها وغير ذلك من التفصيل ، وإليك دراسة القولين فنقول :
إنّ مقتضى الأصل الأوّليّ معلوم في المقام ، إنّما الكلام في مقتضى الأدلّة الاجتهاديّة ، ولا شكّ أنّ مقتضاها جواز البقاء لوجود المقتضي وعدم المانع.
أمّا الأوّل : فلوجود السيرة بين العقلاء حيث إنّهم لا يفرّقون في رجوع الجاهل إلى العالم فيما جهله ، بين كون العالم باقياً على حياته عند العمل بقوله وعدمه.
وأمّا الثاني : فلأنّ المانع من جواز التقليد كان اثنين :
١ ـ تضافر الإجماعات المنقولة على المنع ، الكاشفة عن وجود السيرة بين المتشرّعة على المنع في خصوص الأحكام إلّا أنّ القدر المتيقن هو تقليد الميّت ابتداءً لا استمراراً.
٢ ـ ذكرنا أنّه لو كان تقليد الميّت ابتداءً خالياً من المانع في عالم الثّبوت ، إلّا أنّه مقرون به في عالم الإثبات ، حيث يلزم من ذلك رجوع الشيعة طيلة قرن أو أزيد إلى الميّت وهو ممّا لا يلتزم به فقهاء الشيعة ، ولكن هذا المانع مفقود في التقليد