قسم يدور الحكم فيه مدار صدق الموضوع ، فبارتفاعه يرتفع الحكم ، مثل قوله (عليهالسلام) : «لا يصلّ ـ ى خلف الفاسق» أو «المسكر حرام» ولا يكون صدق الموضوع آناً ما كافياً ، وقسم يكفي في بقاء الحكم صدق الموضوع آناً ما ، كما في قوله : «لا تصلّ خلف المحدود» أو «اقطع يد السّارق واجلد الزّاني» ، وغير ذلك ، وتمييز أحد القسمين عن الآخر رهن لطف في القريحة.
والحقّ : «إنّ الاستصحاب لا غبار عليه ، لو لا نقل الإجماع المتضافر على خلافه ، والأصل حجّة حيث لا دليل وإلّا عجوز عليل.
وأظنّ أنّ المشايخ لاتّخاذهم الموقف السلبيّ بالنّسبة إلى تقليد الميّت انجرّوا إلى هذه الإشكالات التي لا تتجاوب مع مبانيهم ، فإنّهم (قدسسرهم) ذهبوا إلى أنّ الأحكام مجعولة على نحو القضايا الحقيقية ـ وكأنّهم نسوا ما ذكروه في أُصولهم ـ فعمدوا إلى استصحاب الحكم الجزئيّ المقيّد بالوجود مع إمكان استصحاب الحكم الكليّ الّذي ينطبق قهراً على كلّ مكلّف عبر الزّمان.
مضاعفات تقليد الميّت السلبيّة :
هذا مقتضى الأدلّة الاجتهاديّة ، غير أنّ هنا كلمة ترجع إلى بيان مضاعفات تقليد الميّت التي تصدّ الفقيه عن تجويزه ، وتتلخّص في أُمور :
الأوّل : قد عرفت فيما مضى أنّ للظّروف الزّمانيّة والمكانيّة مدخليّة تامّة في حقل استنباط الأحكام الشرعيّة وأنّها من مغيّرات الموضوع ومبدّلاته ، وفي ظلّ تغيّر الموضوع يتغيّر الحكم الشّرعيّ ، وأنّ تطوّر الصناعات في حياة البشر في مختلف المجالات قد أثّر في كثير من الموضوعات فصيّر القيميّ مثليّاً ، وفاقد المنفعة المحلّلة واجدها ، كالدم وغيره من الموضوعات ، وغير خفيّ أنّه لا يطّلع عليها إلّا الفقيه العالم بالموضوع وأحواله عن كثب ، وأمّا من انقطعت صلته بالحياة فلا يتمكّن من ذلك.