والأولى أن يقال : إنّ إلغاء الخصوصيّة وإن كان أمراً لا ينكر ، لكنّ الكلام في وجود المقتضي وهو الشّمول لصورة التّعارض والاختلاف والمفروض المخالفة في الفتوى والتّضارب في الآراء عند الأموات ، وقد عرفت أنّ دليل الحجيّة غير شامل لتلك الصّورة ، فلا يمكن للعاميّ الاحتجاج بآرائهم مع اختلافها ولا تكفيه الإطلاقات في مقام الاحتجاج.
الثاني : سيرة العقلاء على الرّجوع إلى الحيّ والميّت في مشكلات العلوم ومعضلاتها ، والاحتجاج بقولهما على السواء في العلوم والحقوق ورجوع الفقهاء إلى أقوال اللّغويين في دقائق المعاني اللّغويّة ولم يخطر ببال أحد أنّهم أموات.
يلاحظ عليه : أنّ جريان السيرة على ذلك صحيح ، إلّا أنّها في غير باب الأحكام ، فإنّ الإجماعات المتضافرة على تقليد الأحياء والإعراض عن تقليد الأموات بكلمة واحدة ، كاشفة عن وجود سيرة في خصوص باب الأحكام مستمرّة إلى عصر المعصومين (عليهمالسلام) فالاحتجاج بالسيرة الدّارجة بين العقلاء مع وجود سيرة خاصة في أخذ الأحكام على خلافها بين الشيعة ليس بتامّ ، وعليه فالمحكّم في المقام هو أصالة عدم حجيّة رأي أحد على أحد إلّا مع قيام الدّليل.
الثالث : التمسّك بالاستصحاب وقرّره الشيخ (قدسسره) بوجوه أربعة :
الأوّل : إنّ المجتهد الفلانيّ كان ممّن يجوز الأخذ بفتواه ، والعمل مطابقاً لأقواله وقد شكّ بعد الموت أنّه هل يجوز اتّباع أقواله أو لا ، فيستصحب.
الثاني : إنّ للمقلّد الفلاني الأخذ بفتوى المجتهد الفلانيّ حال الحياة وبعد الموت يشكّ فيه ، فيستصحب الجواز المعلوم في السّابق.
الثالث : إنّ هذه الواقعة كان حكمها الوجوب بفتوى المجتهد الفلانيّ ، ونشكّ في ذلك فيستصحب حكمها.