الرّابع : إنّ المكتوب في الرّسالة الفلانيّة كان جائز العمل فيستصحب بعد الموت (١).
والعناية في الوجه الأوّل بالمفتي وفي الثاني بالمستفتي وفي الثالث بالفتوى ، وفي الرابع بنتيجته.
وقرّره سيّدنا الأُستاذ ـ دام ظله ـ بالوجوه الثلاثة الأُول (٢).
ولو أردنا التعبير المختصر ، نقول : إنّ فتوى الميت كانت حجة قبل الموت والأصل بقاء حجّيتها بعده.
وقد أورد على الاستدلال به في المقام بعدم اجتماع ركني الاستصحاب أعني : اليقين في الحدوث ، والشكّ في البقاء.
أمّا الأوّل : فلعدم العلم بحجيّة فتواه إلّا في حقّ الموجودين في زمانه ولا علم لنا بحجيّة فتواه في حقّ غيرهم. وبعبارة أُخرى : إن كانت القضيّة بنحو القضيّة الخارجية فلا فائدة بالنّسبة للمكلّفين بعد موته ، وإن كانت بنحو القضيّة الحقيقيّة فهي وإن كانت عامّة غير مختصّة بالموجودين في زمانه ، إلّا أنّ التنجيزي منه غير جار ، لعدم إدراك زمانه ، فلا يقين بالنّسبة لمن بعد موته ، والتعليقي منه ليس بحجّة بأن يقال : لو كانوا موجودين لكانت فتواه حجة عليهم والأصل بقاؤها.
يلاحظ عليه : أنّ المستصحب ليس هو الحكم الجزئيّ المتعلّق بالمستصحب حتى يقال إنّ التنجيزيّ غير جار والتعليقي ليس بحجّة ، بل المستصحب عبارة عن الحكم الكليّ المتعلّق بعنوان المكلّفين ، فيقال : كان قوله حجّة في حقّ المكلّفين والأصل بقاؤه ، فإذا ثبت بقاؤه على العنوان كان حجّة على المكلّف المستصحب أيضاً. وبذلك تظهر صحّة جريان الاستصحاب في الأحكام الشرعيّة الكليّة ،
__________________
(١) ملحقات مطارح الأنظار : ٢٦٣.
(٢) رسالة الاجتهاد والتقليد من كتاب الرّسائل للإمام الخميني (رضي الله عنه) : ١٥٠ و ١٥١.