المفرّق للحقّ عن الباطل والحلال عن الحرام هو المعادل لصاحب النّظر ، فلا يعمّ المقلّد. وأمّا شموله للمجتهد المتجزّي فسيوافيك الكلام فيه.
الثالثة : المشهورة الأُخرى لأبي خديجة :
ما رواه الصدوق في الفقيه (١) بإسناده عن أحمد بن عائذ بن حبيب الأحمسيّ البجليّ الثقة عن أبي خديجة سالم بن مكرم الجمّال قال : قال : أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليهماالسلام) : «إيّاكم أن يحاكم بعضكم بعضاً إلى أهل الجور ، ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئاً من قضايانا فاجعلوه بينكم فإنّي قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه» (٢). ورواه في الكافي (٣) غير أنّه قال مكان (قضايانا) قضائنا.
والرّواية صحيحة وسند الصدوق (رضي الله عنه) إلى أحمد بن عائذ في الفقيه بالشكل التالي : عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن عليّ الوشاء عن أحمد بن عائذ (٤).
والكلّ غير الأخير من أجلّاء الأصحاب وعيونهم. ولا يشكّ في وثاقة الحسن ابن عليّ الوشاء إلّا غير العارف بأساليب التوثيق في علم الرجال فإنّه وإن لم يصرّح بوثاقته إلّا أنّه جاء في ترجمته ما مفاده أنّه كان في الدرجة العالية منها (الوثاقة) ، وهذا النجاشي يعرّفه بأنّه : «من وجوه هذه الطائفة» (٥) ، وقد قلنا في
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه : ٣ / ٢ ح ١.
(٢) الوسائل : ١٨ / ٤ ح ٥ ، الباب ١ من أبواب صفات القاضي.
(٣) الفروع : ٧ / ٤١٢ ح ٤.
(٤) الفقيه : ٤ / ٥١٤.
(٥) قال النجاشي في رجاله : ٢٨ : «... خير من أصحاب الرضا (عليهالسلام) وكان من وجوه هذه الطائفة».