أقول : إنَّ هذه الاختلافات تعود إلى أسباب وعوامل عديدة لها شواهدها على ذلك.
منها : أ ـ التقطيع في الروايات من قبل الرّواةِ عنهم (عليهمالسلام):
وهو ظاهر لمن راجع كتبَ الأحاديث ، فأدّى ذلك إلى ظهورِ التنافي وبروز الاختلاف. وكذلك الحال في روايات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عند العامَّة. كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنَّ الله خَلَقَ آدمَ على صورتهِ». وكقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم أيضاً : «أَنتَ ومالُك لأبيك».
ففي الحديثِ الأوَّل : الضمير في «صورتهِ» يعودُ إلى «الله» ظاهراً. ولما نُقلَ الحديثُ إلى الإمام علي بن موسى الرضا (عليهالسلام) قال : «قاتَلَهم الله ، لقد حَذَفوا أوَّل الحديث : إنَّ رسولَ الله مرَّ برجلين يتسابَّان ، فسمع أحدهما يقول لصاحبهِ : قبَّحَ اللهُ وجهكَ ، ووجه من يشبهكَ ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا عبد الله ، لا تقُل هذا لأخيكَ ، فإنَّ الله عزوجل خلقَ آدمَ على صورتهِ» رواه الصّدوق في التّوحيد (١).
فلو رجعَ القومُ إلى أئمّة الهدى وسفينة النَّجاة (عليهمالسلام) ، لوقفوا على أنَّ الحديث نُقلَ مبتوراً. وروى الصّدوق أيضاً بسنَدهِ عن عليّ (عليهالسلام) قال : سمعَ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم رجلاً يقول لرجل : قَبَّحَ اللهُ وجهَكَ ووجه من يشبهكَ ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «مَه ، لا تقل هذا ، فإنَّ الله خلقَ آدمَ على صورته» (٢).
فالضمير في «صورته» يعودُ إلى الرَّجل الَّذي يُسَبّ ويُسبُّ من يشبهه وهو آدم (عليهالسلام). هذا.
ويظهر من الحديث الثاني «أنت ومالكَ لأبيك» أنَّ للأبِ ولاية على أموالِ ولدهِ كما فهمَه العامَّة ، وقال الخاصَّةُ : له الولاية بمقدار الضَّرورة من النَّفقةِ الواجبة على الولدِ مع فقرِ وعوزِ الأب.
__________________
(١) التوحيد للصدوق : ١٥٣ ح ١١ ، الباب ١٢.
(٢) المصدر نفسه : ١٥٢ ح ١٠ ، الباب ١٢.