أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً* فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (النساء ـ ٦٤ و ٦٥).
وقال أيضاً في حقّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وأُولي الأمر من الأُمّة المفسّرين بالأئمّة المعصومين (عليهمالسلام) (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (النساء ـ ٥٩).
وليس المراد من الإطاعة في هذه الآيات ، هي الإطاعة في العمل بالأحكام الشرعية كإقامة الصلاة وإيتاء الزّكاة وحجّ البيت ، إذ ليس للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا لغيره في تلك المجالات حكم وقضاء حتّى يُطاع ، وإنمّا دورهم فيها دور المبلّغ والمبيِّن لأحكام الشّريعة ، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر وليس هو عليهم بمسيطر ، بل المراد الإطاعة في فصل الخصومات وقطع المنازعات إلى غير ذلك من الموارد التي له فيها حكم طلبيّ أو زجريّ.
فهؤلاء هم القضاة المنصوبون من الله سبحانه بأسمائهم وخصوصيّاتهم ، وأمّا بعد ارتحال النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم وأوصيائه (عليهمالسلام) أو عدم التمكّن من الوصيّ المنصوب (كما في عصر الغيبة) فإنّ هذه الناحية لم تترك سدى ، بل عيِّن رجال موصوفون بصفات ومتّسمون بسمات لمنصب القضاء ، والتفصيل موكول إلى الروايات ، وإليك بعض ما ورد في ذلك المجال من الرّوايات المعتبرة :
الأُولى : مقبولة عمر بن حنظلة : (١)
روى الكليني (رضي الله عنه) عن محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسين عن محمّد بن
__________________
(١) الأُصول من الكافي : ١ / ٦٧ و ٦٨ ، كتاب فضل العلم ، باب اختلاف الحديث.