في التخطئة والتصويب :
اختلفت أنظارُ الفقهاء في التخطئة والتصويب ، وهل أنّ كلّ مجتهد مصيب في اجتهاده أو لا؟ واتفقوا على أنّ الحقّ واحد في موارد وهي :
الأوّل : إنّ الحقّ في الأُصول والمعارف أمر واحد ، وما وافقه هو الحقّ والصّواب وما خالفه هو الخطأ ولم يقل أحد من المسلمين إلّا من شذَّ بالتّصويب في العقائد (١).
قال المرتضى (قدسسره) : «ولا شبهة في أنّ العبادة بالمذاهب المختلفة إنّما يجوز فيما طريقه العمل دون العلم ، وأنّ الأصول المبنية على العلم نحو التوحيد والعدل والنبوّة ، لا يجوز أن يكون الحقُّ فيها إلّا واحداً ، لأنّ الله تعالى لا يجوز أن يكون جسماً أو غير جسم ويرى ولا يرى على وجهين مختلفين ، وبإضافة إلى مكلّفين متغايرين ، وقد يجوز أن يكون الشيء الواحد حراماً على ـ زيد ـ وحلالاً على ـ عمرو ـ إلى أن قال : فمن جمع بين أصول الدّين وفروع الشرع ، في هذا الباب فقد ضلّ وأبعد عن الصّواب» (٢).
وقال الشيخ الطوسيّ (رضي الله عنه) : «اعلم أنّ كلّ أمر لا يجوز تغييره عما هو عليه من وجوب إلى حظر أو من حسن إلى قبح ، فلا خلاف بين أهل العلم المحصّلين أنّ الاجتهاد في ذلك لا يختلف وأنّ الحقّ في واحد وأنّ من خالفه ضال فاسق ، وربمّا
__________________
(١) قال الغزالي في المستصفى : ٢ / ٣٥٩ و ٣٦٠ : مسألة : ذهب عبد الله بن الحسن العنبريّ إلى أنّ كلّ مجتهد مصيب في العقليات كما في الفروع.
وقال الآمدي في الإحكام : ٤ / ١٨٤ ، المسألة الثالثة : وزاد عبد الله بن الحسن العنبريّ بأن قال : كلّ مجتهد في العقليّات مصيب.
(٢) الذريعة إلى أُصول الشريعة : ٢ / ٧٩٣ و ٧٩٤.