المسألة الرابعة : في تقليد الميِّتِ ابتداءً :
أكثر الأصحاب على منع الرّجوع إلى الميّت في أخذ الفتوى والعمل بها ، والأخباريّون منهم على الجواز ، وسيوافيك أنّ مخالفتهم تلك مبنية على إبطالهم التقليد من أصل. وربمّا يفصّل بين تقليده ابتداءً وتقليده بقاءً ، فيمنع الأوّل دون الثاني ، وسيأتي البحث عن البقاء في عنوان خاصّ ، والكلام مركّز على تقليده ابتداءً.
اعلم أنّ أكثر الأصحاب على منع الرّجوع إلى الميّت ، ونحن وإن لم نقف على عنوان المسألة في كلمات فقهائنا قبل العلّامة الحليّ (٦٤٨ ـ ٧٢٦ ه ـ) ولكنّه كاشف عن استمرار السيرة على المنع ، وإليك نقل ما وقفنا عليه من الكلمات مباشرة أو بواسطة رسالة الشيخ الأنصاريّ (رضي الله عنه) المطبوعة في ذيل مطارح الأنظار فنقول :
١ ـ قال العلّامة في النّهاية : «قال آخرون : إن حكى عن ميّت لم يجز الأخذ بقوله ، إذ لا قول للميّت لانعقاد الإجماع مع خلافه بعد موته دون حياته ، فدلّ على أنّه لم يبق له قول ...» (١).
وقال في التهذيب : «وهل لغير المجتهد الفتوى بما يحكيه عن المجتهد ، الأقرب أنّه إن حكى عن ميّت لم يجز العمل به ، إذ لا قول للميّت ولهذا لا ينعقد
__________________
(١) النّهاية في علم الأُصول ، البحث الثّالث في الإفتاء عن الحكاية ، مخطوط مؤسّسة الإمام الصادق (عليهالسلام).