الأوّل : السّائسُ (١) والحاكم :
هذا هو الرّكنُ الأوّل لإدارة المجتمع ، والمقصود منه وجود قوّة تنفيذيّة تطبّق ما جاء به صاحب الشّريعة في مجالات مختلفة ، وفي ظلّ هذه القوّة المتمثّلة في الحاكم الإسلاميّ ، يرفرفُ الأمن في البلاد ، وتجبى الصّدقاتُ والزّكواتُ ، وتجرى الحدود والأحكام على العصاة والطّغاة ، وتحفظ ثغور البلاد من عداء الكفّار وتسلّلهم إلى أجوائها وأراضيها ، فيسدّ الحاكم الأمر عليهم إلى غير ذلك من وظائف السّائس في مجال ترويج الاقتصاد والتجارة وبسط العدل والقسط ، وصيانة الأُمّة من كلّ ظلم وتعدّ وما شابهها. وتختلف وظائف السّائس قلّة وكثرة حسب اختلاف الحضارات والبيئات المحيطة به.
قال سبحانه : ـ (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) (الحج / ٤١).
وقال الإمام الرّضا (عليهالسلام) : «إنّا لا نجدُ فرقة من الفرق ولا ملّة من الملل بقوا وعاشوا إلّا بقيّم ورئيس لما لا بدّ لهم منه في أمر الدّين والدّنيا ، فلم يجز في حكمة الحكيم أن يترك الخلق ممّا يعلم أنّه لا بُدّ لهم منه ولا قوام لهم إلّا به ، فيقاتلون به عدوّهم ويقسمون فيئهم ، ويقيمون به جمعتهم وجماعتهم ويمنع ظالمهم من مظلومهم ...» (٢) هذا ، وقد عبّر عن السّائس في الرّوايات بالحاكم والسّلطان والإمام إلى غير ذلك.
__________________
(١) من ساس يسوس سياسة ، وهو المتولّي والمدبّر لأمور النّاس كالأمراء والولاة. وجمعه : ساسة وسوّاس. والسّياسة : استصلاح الخلق بإرشادهم إلى الطريق المنجي عاجلاً أو آجلاً.
(٢) علل الشرائع للصّدوق ، باب (١٨٢) : علل الشرائع وأصول الإسلام ، ح ٩ حديث طويل ذو فروع متعدّدة ، اقتبس الشيخ الأستاذ منه ما في ص ٢٥٣ وهو عن أبي محمّد الفضل بن شاذان النيسابوريّ عن مولانا أبي الحسن عليّ بن موسى الرّضا (عليهالسلام) راجع ص ٢٧٥.