أدلّة المجوّزين :
استدلّ المجوّز بوجوه :
الأوّل : إطلاقات الآيات والرّوايات كآية النفر والسّؤال ، والرّوايات الإرجاعيّة إلى رواة الأحاديث أو إلى أشخاص معيّنين ، وهذه لا اختصاص لها بالأحياء منهم.
وأورد عليه المحقّق الخوئي (رضي الله عنه) بأنّ الأدلّة ناظرة إلى عنوان حياة المنذر والمحذّر والمفتي ، وكيف يخفى ظهورها في الحيّ ، فإنّ وجوب التحذّر عند إنذار المنذر ، ووجوب السّؤال من أهل الذّكر لا ينفكّ عن كونهم أحياءً ومثله سائر الروايات الإرجاعيّة التي هي قضايا ظاهرة في الفعلية (١).
يلاحظ عليه : أنّ ظهور الأدلّة في كون المرجوع إليهم أحياءً ممّا لا ينكر ، إلّا أنّ الكلام في مساعدة العرف ـ في التعبّد بظواهرها وعدم الخروج عنها بإلغاء الخصوصيّة ـ القائل بأنّ المتّبع هو كلام المفتي ورأيه ونظره سواء كان حيّاً أو لا. وليس هذا مبتدعاً في حياة العقلاء ، فإنّ الآراء محترمة بنفسها والموت ليس ضائراً بقيمتها ورفعتها.
قال سبحانه : (... وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ...) (الأنعام ـ ١٩) ، فنسب الإنذار بالقرآن إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مطلقاً من أدرك النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وتشرّف برؤيته ومن لم يدركه ولم يتشرّف بحضوره صلىاللهعليهوآلهوسلم إلّا أنّ القرآن بلغه ، وما هذا إلّا لأنّ المتكلّم وسيلة في الإبلاغ والإنذار والمهمّ هو نفس البلاغ ومحتوى المنذر به ، فإذا كان هذا حال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم الّذي هو أفضل الخلق والبريّة فكيف حال الرّاوي والمفتي.
__________________
(١) التنقيح في شرح العروة الوثقى : ١ / ٩٩ ـ ١٠١.