أقول :
الظّاهر أنّ القائل بالجواز في غنىً عن التمسّك بالاستصحاب (١) أو عموم آية الذّكر (٢) لأنّ الدّليل الوحيد على جواز الرّجوع إلى أصحاب التّخصّص هو السيرة (سيرة العقلاء). وما ورد في الشّرع إمّا مؤكّد لها أو مبيّن للمصداق.
فقوله سبحانه : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ ...) مؤكّد لحكم العقل ، وقوله (عليهالسلام) : «وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أصحابنا ...» (٣) مبيّن للمصداق وليس مؤسّساً للحكم.
والذي يجب التركيز عليه هو شمول السّيرة لأمثال المقام وعدمه. والظّاهر شمولها خصوصاً إذا كان المرجع أعلم وأفقه من الرّاجع ، وبما يرجّح الرّجوع إليه ، وعند ذلك يسقط الاستدلال على عدم الجواز بأصالة عدم حجيّة رأي أحد في حقّ أحد.
وأمّا ما دلّ على الرّجوع إلى الكتاب والسنّة فهو باق على عمومه لم يخرج منه
__________________
(١) مضافاً إلى انّه لا معنى لجريان الاستصحاب في المقام ، لاختلال شرط إحراز بقاء الموضوع ، فإنّ القادر على الاستنباط وإن لم يستنبط فعلاً ليس العامّي المحض.
(٢) سيأتي الكلام حول الأدلّة النقليّة.
(٣) الوسائل : ١٨ / ١٠١ ح ٩ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، قال صاحب الوسائل : وفي كتاب (إكمال الدين وإتمام النعمة) عن محمّد بن محمّد بن عصام عن محمّد بن يعقوب عن اسحاق بن يعقوب ... الحديث : هذا حديث طويل في إكمال الدّين (٢ / ١٦٢) وإسحاق بن يعقوب مجهول لم يعرف في الرّجال. وقال في الخاتمة ص ١٣٨ رقم ١٣٨ : إسحاق بن يعقوب : روى الكشيّ توقيعاً يتضمّن مدحه.
وقال في تنقيح المقال : ١ / ١٢٢ رقم ٧٢٧ : لم أقف فيه إلّا على رواية الشيخ (رضي الله عنه) في كتاب الغيبة عن جماعة ... الخ وذكر بعض الحديث ، وفي آخره : والسّلام عليك يا إسحاق بن يعقوب وعلى من اتّبع الهدى.