يلاحظ عليه : أنّ التخيير على فرض ثبوته مجهول الموضوع فهو مردّد بين كونه باقياً قطعاً ومرتفعاً كذلك. فلو كان الموضوع من تعارض عنده الفتويان فهو باق قطعاً ، ولو كان من لم تقم عنده الحجّة ، فهو مرتفع قطعاً ، والعلم ببقاء الموضوع من شرائط جريان الاستصحاب. ثمّ إنّه ربّما يعترض على استصحاب الحجيّة التخييريّة بأمرين :
الأوّل : إنّه من الاستصحاب التعليقي المعارض بالاستصحاب التنجيزيّ ، فلا مرجع إلّا الأصل العقليّ وهو أصالة التعيين عند التردّد في الحجيّة بين التعيين والتخيير (١).
الثاني : إنّ الفتوى الثانية ـ بعد ما اتّصفت الفتوى الأُولى بالحجيّة الفعليّة من جهة أخذ المكلّف بها ـ لا يعقل اتّصافها بالحجيّة التّخييريّة حدوثاً ، كما لا يعقل بقاؤها عليها ، سواء أكان المستصحب حجيّة الفتوى المأخوذ بها سابقاً أم كان هو الحكم الفرعي الذي أدّت إليه الفتوى المأخوذ بها ، بل ذلك في الحكم الفرعيّ أوضح ، لأنّه حكم تعيينيّ منجّز على المكلّف بأخذه الفتوى المؤدّية إليه ، فإنّ التخيير إنّما هو في الحجيّة والمسألة الأُصوليّة ، دون الحكم الفرعيّ لتعينه بالأخذ بما أدّت إليه ، إذاً كان استصحاب الحجيّة الفعليّة أو الحكم الفرعيّ المتنجّز معارضاً لاستصحاب الحجيّة التّخييريّة الثّابتة على الفتوى الثّانية (٢).
يلاحظ عليه : أنّ مفاد الحجيّة التّخييريّة هو كون كلّ من الفتويين صالحاً للاحتجاج وهو حكم تنجيزيّ دلّ عليه الإجماع. والمستصحب هو ذاك الحكم التّنجيزيّ أي أصالة بقاء كلّ على الصّلاحيّة ، وليست حجيّة الفتوى مشروطة بالأخذ حتى تكون تعليقيّة.
وبذلك يظهر ما في الإيراد الثّاني من معارضة الاستصحابين ، فإنّ كون
__________________
(١) مستمسك العروة للسيّد الحكيم (رضي الله عنه) : ١ / ٢٥.
(٢) التنقيح على شرح العروة للسيّد الخوئي (رضي الله عنه) : ١ / ١٢٦.