مقوّمات المعروض ، إلّا أنّ الإنصاف عدم كون الدّعوى خالية عن الجزاف ، فإنّه من المحتمل ـ لو لا المقطوع ـ أنّ الأحكام التقليدية عندهم أيضاً ليست أحكاماً لموضوعاتها بقول مطلق ، بحيث عدّ من ارتفاع الحكم عندهم من موضوعه ، بسبب تبدّل الرأي ونحوه ، بل إنّما كانت أحكاماً لها بحسب رأيه ، بحيث عدّ من انتفاء الحكم بانتفاء موضوعه عند التبدّل ، ومجرّد احتمال ذلك يكفي في عدم صحّة استصحابها ، لاعتبار إحراز بقاء الموضوع ولو عرفاً» (١).
يلاحظ عليه :
أنّه لا يعتبر في صحّة الاستصحاب ، سوى صحّة التعبّد بالبقاء شرعاً ، بحيث لا يعدّ أمراً لغواً ، فالتعبّد ببقاء قباب المساجد أمر لا يترتب عليه الأثر الشرعيّ ، فيكون لغواً ، وهذا بخلاف التعبّد ببقاء حجيّة رأي المفتي الرّاحل ، فإنّ جعل الحجيّة لقوله سواء كانت تأسيسيّة ـ على خلاف التحقيق ـ أو إمضائيّة كما هو الحقّ ، لم يكن أمراً لغواً من جانب الشّارع حدوثاً ، ولأجل تلك الغاية يصحّ التعبّد بالبقاء ، إذ لو لا صحّة تعبّده بالبقاء لما صحّ التعبّد بالحدوث أيضاً فما هذا التفريق إذاً؟
وبالجملة : ما هو المسوّغ للتعبّد حدوثاً هو نفسه المسوّغ للتعبّد بقاءً ، هذا
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٢ / ٤٧٨ و ٤٧٩ تحقيق مؤسّسة آل البيت (عليهمالسلام) هذا وقيل : «حكي عن المحقّق القوچاني أنّ للعرف حيثيّتين يختلف بهما أنظارهم ، إحداهما : كونهم من أهل العرف مع قطع النظر عن تديّنهم بشريعة.
وثانيتهما : كونهم متديّنين بشريعة من الشّرائع السّماويّة.
وما أفيد من انتفاء الرّأي بالموت عرفاً إنّما بالنّظر إلى الحيثيّة الأُولى ، لا الحيثيّة الثانية ، فإنّهم ـ بعد أن أخبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ببقاء النّفس ـ قد فهموا بقاءها ، وهم يخطئون نظرهم الأوّل ويعتقدون بقاءها. وحينئذ يكون الرّأي المتقوّم بالنّفس مشكوك البقاء ، لأنّه إن كان مخالفاً للواقع فقد ارتفع بالموت وإن كان مطابقاً له فهو باق ، فيستصحب ويثبت المطلوب وهو جواز البقاء على تقليد الميت».