الرجلين.
ونختم هذا البحث بحديث شريف عن النبي الأكرم حيث ورد في الروايات أنّه تحدث بعض الأصحاب عن رجل وذكروه بخير للنبي صلىاللهعليهوآله فأقبل ذات يوم فقالوا : يا رسول الله هذا الّذي ذكرناه لك ، فقال : إني أرى في وجهه سفعة من الشيطان فسلم ووقف على النبي صلىاللهعليهوآله وأصحابه ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : «أسألك بالله حدّثتك نفسك أن ليس في القوم أفضل منك؟ فقال : اللهم نعم» (١) ، فرأى رسول الله صلىاللهعليهوآله بنور النبوة ما استكن في قلبه سفعة في وجهه.
الثالث : التكبر بالنسب والحسب فالّذي له نسب شريف يستحقر من ليس له ذلك النسب وإن كان أرفع منه عملاً وعلماً وقد يتكبر بعضهم فيرى أنّ الناس له موالٍ وعبيد ويأنف من مجالستهم ومخالطتهم ، والحال أنّ الإسلام ليس فيه تفاضل بالحسب والنسب ، كما روي عن أبي ذر أنّه قال : قاولت رجلاً عند النبي صلىاللهعليهوآله فقلت له : يا ابن السوداء فقال النبي صلىاللهعليهوآله : «يا أبا ذر طف الصّاع ليس لابن بيضاء على ابن سوداء فضل».
قال أبو ذر فاضطجعت وقلت للرجل : قم فطأ على خدي» فانظر كيف نبهه رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه رأى لنفسه فضلاً بكونه ابن بيضاء وإن ذلك خطأ وجهل فانظر كيف تاب وكيف قلع من نفسه شجرة الكبرياء خمص قدم من تكبر عليه إذ عرف أنّ العزّ لا يقمعه إلّا الذلّ (٢).
وعلى أى حال فقد قرأنا كثيراً من النصوص الشريفة في القرآن والروايات تؤكد لنا أن لا فضل لإنسان على آخر بالنسب والعرق وأمثال ذلك ، فهذه كلها امور اعتبارية تعرض على الإنسان من الخارج ، بينما تتقوم شخصية الإنسان وقيمته بما يتضمنه من امتيازات معنوية في محتواه الباطني ، وعلى فرض أنّ ارتباطه مع بعض العظماء بالنسب يوجب له فضيلةً وامتيازاً على غيره ، فلا ينبغي أن يكون ذلك سبباً للاحساس بالغرور والتكبّر والتفاخر على الآخرين.
وعند ما نرى الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام في نهج البلاغة ، أو الإمام زين العابدين عليهالسلام في
__________________
١ ـ المحجّة البييضاء ، ج ٦ ، ص ٢٤٠.
٢ ـ المحجة البيضاء ، ج ٦ ، ص ٢٤٣.