تحصى ، ومن ذلك أنّها تعمل على اهدار طاقات الإنسان واتلافها وبالتالي تمنعه من الوصول إلى مقصوده ومطلوبه ، مثلاً إذا قصد جيش العدو بلاد الإسلام ولم يتريث جيش الإسلام لكي يباغت العدو في موقف من مواقف الضعف والعسر بالنسبة للعدو ، أو قبل أن ينتهي جيش الإسلام من حيث العدّة والعدد والخطّة العسكرية يقوم هذا الجيش بالهجوم على العدو ، فتكون النتيجة الاندحار والهزيمة لجيش الإسلام واتلاف الكثير من الطاقات والقوى ، وبالتالي تقوية جيش الأعداء وجرأتهم أكثر.
وهذا المعنى يصدق أيضاً بالأعمال الفردية ، لأن كلّ حركة تتصف بالعجلة فإنّها تتسبب في اهدار الطاقات واتلاف الامكانات للإنسان.
وينقل الفيض الكاشاني في «المحجّة البيضاء» حديثاً جميلاً ويعتبر شاهداً ناطقاً على ما تقدّم آنفاً ، حيث جاء في هذا الحديث انه عند ما ولد المسيح عليهالسلام فإنّ الشياطين جاءوا إلى إبليس فقالوا : أصبحت قد نكست رؤوسها ، قال : هنا حادث قد حدث ، مكانكم ، فطار حتى جال خافقي الأرض ولم يجد شيئاً ، ثم وجد عيسى عليهالسلام قد ولد ، وإذا الملائكة قد حفّت حوله ، فرفع إليهم فقال : إنّ نبيّاً قد ولد البارحة ما حملت انثى قط ولا وضعت إلّا وأنا بحضرتها إلّا هذا فآيسوا أن تعبد الأصنام بعد هذه الليلة ولكن ائتوا بني آدم من قبل العجلة والخفّة (١).
٢ ـ اليأس
ومن المعطيات السلبية الاخرى للعجلة ، هو حالة اليأس الّتي تصيب الإنسان عند ما لا ينال مقصوده ولا يتسنّى له تحصيل النتيجة من عمله ، وقد يفضي به هذا الحال إلى أن يسيء الظنّ بكلّ شيء حتّى بالتقدير الإلهي ، ولذلك ورد في الحديث الشريف عن الإمام الحسن العسكري عليهالسلام أنّه قال : «لا تَعْجَلْ عَلَى ثَمَرَةٍ لا تدرك وَانَّما تَنالُها فِي اوانِها وَاعْلَمْ انَّ المُدَبِّرَ لَكَ اعْلَمُ بِالوَقتِ الّذي يُصلِحُ حَالُكُ فيهِ ، فَثِقْ بِخِيَرَتِهِ فِي جَميع امورِكَ ، يُصلِحُ حَالُكَ ، وَلا تَعجَلْ بِحَوائِجِكَ قَبلَ وَقِتها فَيَضِيقُ قَلبُكَ وَصَدرُكَ وَيَخشاكَ (يغشاك) القُنوط» (٢).
__________________
١ ـ المحجّة البيضاء ، ج ٥ ، ص ٦١.
٢ ـ بحار الأنوار ، ج ٧٥ ، ص ٣٧٩.