به على أهل الضعف ، وغالباً ما يتوفر هذا الحال لدى الامراء والأقوياء وأصحاب السلطة من الناس حيث يرون أنفسهم «ظل الله في الأرضين» ويتوقعون من الآخرين أن يتعاملوا معهم من موقع التعظيم والتكريم كما يفعل الغلمان والعبيد. ولو صدرت منهم أقل حركة أو كلمة خاطئة لا تتفق ومقامهم العالي وشأنهم الكبير فسوف لا ينجو صاحبها من العقاب.
وقد ذكر في بعض حالات السلاطين القدماء أنّه كلما أراد الناس الدخول عليه في مجلسه فيجب عليهم تكميم أفواههم بمنديل أو أي شيء آخر لئلّا يتلوث معطف السلطان ببخار أفواه الرعايا ورائحة فمهم الكريهة ، وهذا هو السبب في تفعيل عنصر الكبر والغرور في نفوس هؤلاء وما يتولد منه من أخطاء كبيرة ومآثم شنيعة تؤدي إلى الإسراع في زوال حكمهم وانهيار دولتهم.
السابع : التكبر بالأتباع والأنصار والتلامذة والعلماء والعشيرة والأقارب والبنين ويجري ذلك بين الملوك في المكاثرة بالجنود وبين العلماء بالمكاثرة بالمتنفذين ، وبالجملة فكلّ ما هو نعمة وأمكن أن يعتقد كمالاً وإن لم يكن في نفسه كمالاً أمكن أن يتكبر به ، حتّى أنّ المخنث يتكبر على أقرانه بزيادة قدرته ومعرفته في صنعة المخنثين لأنّه يرى ذلك كمالاً فيفتخر به وإن لم يكن فعله إلّا نكالاً وكذلك الفاسق قد يفتخر بكثرة الشرب وكثرة الفجور بالنسوان والغلمان ويتكبر به لظنه أنّ ذلك كمال وإن كان مخطأً فيه (١).
هذه الامور السبعة هي امور قد يصاب الأشخاص بجميعها أو ببعض منها ويتطاولون على الآخرين بالفخر والتكبّر ، وبالطبع لا تنحصر الدوافع بهذه السبعة ، فإنّ كلّ صفة كمال أو نقطة قوّة معنوية أو مادية سواءً واقعية أو خيالية يمكن أن تسبب الغرور وتدفع بصاحبها إلى التكبّر على الآخرين.
وهذا الكلام لا يعني أنّ الإنسان يجب عليه للتوقي من التكبّر والغرور أن يبتعد عن أسباب الكمال ولا يتحرّك باتجاه المعنويات والكمالات الإنسانية ويقتل في نفسه عناصر الخير والصلاح لكي لا تكون منشئاً للغرور والفخر ، بل الغرض من ذلك إن الإنسان كلّما
__________________
١ ـ المحجّة البيضاء ، ج ٦ ، ص ٢٤٠ ـ ٢٤٤.