ويحتمل كذلك أنّ المقصود بالمتجاهر بالفسق هو الشخص الذي قام بتمزيق ستار الحياء وتحرّك في ارتكابه للمعاصي والذنوب من موقع الجرأة على الدين والمجتمع الإسلامي ، فمثل هؤلاء الأفراد لا احترام لهم ، بل يجب التعريض بهم وفضحهم ليكون الناس على حذر منهم وفي أمان من أعمالهم كما ورد في الحديث الشريف المتقدّم : «مَن أَلقى جِلبَابَ الحَياءِ» فحينئذٍ يقول الحديث «فاذكروه يعرفه الناس» فهو ناظر إلى هذا المعنى.
وعلى هذا الأساس يمكن القول بأنّ المتجاهر بالفسق على نحوين :
الأول : أن يكون متجاهراً بعمل معيّن فحينئذٍ تجوز غيبته في ذلك العمل بالخصوص ، والآخر : الأشخاص الذين قاموا بتمزيق لباس العفة والحياء وانطلقوا وراء ارتكاب الذنوب بكل صلافة وجرأة من دون رعاية القيم الاجتماعية والدينية ، فمثل هؤلاء الأشخاص لا احترام لهم أبداً من فضحهم وكشف واقعهم أمام الناس كيما يحذر الآخرون من أخطارهم ومفاسدهم.
ونختم هذا الكلام بذكر ملاحظتين :
الاولى : هي أنّنا نعلم أنّ أحد العلوم الإسلامية المعروفة هو علم الرجال حيث يبحث فيه صدق وكذب الرواة وحالتهم على مستوى كونهم ثقة أو غير ثقة ، وهناك بعض من لا خبرة له بالامور يتجنّب الخوض في علم الرجال ويرفض تعلّم هذا العلم لأنّه بحسب تصوّره أنّه يفضي إلى الخوض في الغيبة في حين أنّ من الواضح أنّ حفظ حريم الشرع والأحكام الإسلامية من المواضيع الكاذبة والأخبار المختلفة أهمّ كثيراً من التعرّض لبعض الرواة وجرحهم ، وهذا الهدف السامي هو الذي يبيح لنا أن نتحرّك على مستوى التحقيق في سوابق الرواة وحالاتهم والبحث عن نقاط ضعفهم وإثباتها في كتب الرجال لكي نأمن على الشريعة المقدّسة من الأخبار المزيفة ولكي تكون الأحكام الإلهية في مأمن من تدخل الأهواء والنوازع الذاتية لبعض الرواة.
والاخرى : هي أنّ المسائل الاجتماعية والسياسية والمناصب الحساسة في المجتمع الإسلامي تقتضي أحياناً إفشاء بعض نقاط الضعف للمسؤولين ، فهذا المعنى وإن كان في حدّ