أهميّة حسن المعاملة ومداراة الناس والتعامل بالأخلاق الحسنة ، وبهذا يكون حسن الخلق في عملية التفاعل الاجتماعي وعلى مستوى الروابط الأخلاقية الحسنة للآخرين في عداد أهم التشريعات الإسلامية والمقرّرات الدينية.
وفي الواقع بما أنّ مال الإنسان محدود ولا يمكن أن يصل باحسانه المادي إلى المحتاجين كافة من الأقرباء والأصدقاء وسائر الفقراء فقد ورد جبران ذلك بالبشاشة وحسن الخلق مع الناس حيث يمثّل كنزاً لا يفنى كما ورد في الحديث المعروف عن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «إِنّكُم لا تَسَعُونَ النّاسَ بِأَموالِكُم وَلَكن يَسَعُهُم مِنكُم بَسطَ الَوجهِ وَحُسنِ الخُلقِ» (١).
وفي حديث آخر عن الإمام الباقر في تفسير هذه الآية أنّه قال : «قُولُوا للنّاسِ أَحسَنِ ما تُحِبُّونَ أَن يُقالُ لَكُم» (٢).
وصحيح أنّ المخاطبين بهذه الآية هم بنو اسرائيل ، ولكنّ خصوصية المورد لا تخصّص الآية بهؤلاء المخاطبين حيث إنّ هدف القرآن الكريم هو بيان أصل كلّي لجميع أفراد البشر.
«الآية الخامسة» تتحرّك من خلال بيان مسألة البشاشة والتعامل مع الآخرين حتّى لو كانوا أعداءاً ولا سيّما في مقام دعوتهم إلى الحق والطريق القويم ، ومن ذلك نجد أنّ الأمر الإلهي لموسى عليهالسلام بايصال الرسالة الإلهية إلى فرعون الطاغية الذي إستعبد بني اسرائيل وأنّ الآية تتحدّث عن خطاب الله تعالى لموسى وهارون عليهماالسلام : (اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى * فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى).
هذا التعبير يبيّن أنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الحق لا بدّ أن تكون مقرونة باللّيونة واللطف والتعامل من موقع المحبّة والرحمة لا سيما مع الاشخاص
__________________
١ ـ كنز العمال ، ج ٣ ، ح ٦ ، وورد مثلها في المصادر الشيعية.
٢ ـ تفسير البرهان ، ذيل الآية المبحوثة.