ولكن وكما صرّح القرآن الكريم في هذه الآيات فإنّ الله تعالى خسف بقارون الأرض ودفنت كل أمواله وقصوره والزينة التي كانت عليه وكأن شيئاً لم يكن ، لا قارون ولا امواله ولا زينته المبهرة للعقول!!
وعندها انتبه الذين تمنوا مقام قارون ، انتبهوا من غفلتهم ورجعوا عن قولهم واستعاذوا بالله تعالى من أقوالهم. نعم فإنّ حبّ الجاه والغفلة والغرور ، تغوي الإنسان وتورثه الغفلة عن أبسط الامور البديهية للحياة ، وبما أنّ الإنسان خلق ضعيفاً ، فانّ أوهى عنوان أو أمتياز يعرض عليه يغير حياته ويقلبها رأساً على عقب ويفضي به إلى الهلكة لأنّه سرعان ما يدعي القدرة والاستقلال ، بل يتعداها إلى مقام الالوهية.
وفي «الآية الخامسة» من الآيات تتحدث عن فرعون ، وتصوّر لنا حبّ الجاه وأعماله الجنونية حيث خاطب موسى عليهالسلام قائلاً : (قالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ) بلا شك ، أنّ فرعون بادعائه للربوبية لم يكن من السذاجة بدرجة لا يدرك فيها دعوة موسى عليهالسلام المنطلقة من التعريف بالله ربّ العالمين ، فهو الحاكم على أرض مصر الوسيعة.
وبديهي أن الأنانية والتكبر وحبّه للجاه ، لم تكن لتسمح له بقبول الحق والمنطق السليم الصادر من الله تعالى على لسان نبيه موسى عليهالسلام.
وهذا هو طريق الطغاة وأفعالهم فدائماً ما يقابلون الحق بالقوّة ، والدليل والبرهان بالسجن!
ولكن عقوبة السجن في مثل هذه المواد لم تكن أداة رادعة في دائرة التصدي لخط الرسالة والنبوة بقيادة موسى عليهالسلام الذي ضعضع أركان حكومة فرعون ، ولهذا ذكر بعض المفسرين أنّ سجن فرعون لم يكن بالسجن الذي يخرج منه الإنسان حيّاً ، فالمسجون فيه يلاقي شتى أنواع العذاب حتى يموت فيه.